لم يعد ممكناً تجاهل مشكلة الاستهلاك المفرط للمياه في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يتخطى استهلاك المياه للفرد في السعودية والإمارات معدل الاستهلاك العالمي ب91 و83 في المئة على التوالي، وكذلك قطر وعُمان بمعدلات أدنى على رغم مناخهما الصحراوي. وحضت مؤسسة «بوز آند كومباني» حكومات دول المجلس على اتخاذ مجموعة من الخطوات للحد من الطلب على المياه وزيادة إمدادات مياه الشرب، منها إصلاح التعرفة وتوعية المستهلكين، فيما ستحد خطوات أخرى من الاستخدام الزراعي وتدعو الى اعتماد تقنيات جديدة. زيادة الامدادات ومع تسجيل معدلات استهلاك مرتفعة جداً، تبحث الحكومات الخليجية عن وسائل لزيادة إمدادات المياه العذبة ودفع الأسر ومؤسسات الأعمال إلى استخدام المياه بتحفظ أكبر. ورجّحت «بوز آند كومباني» أن تستثمر دول المجلس أكثر من 100 بليون دولار في قطاع المياه بين عامي 2011 و2016، على أن يخصّص جزء من هذه الاستثمارات لتحسين تقنيات تحلية المياه، ما قد يتطلب اللجوء إلى الطاقة الشمسية أو وسائل أخرى. وتوقعت المؤسسة أن تخصص الحكومات جزءاً من استثمارات قطاع المياه لدعم تطوير صناعات التحلية المحلية، ما قد يستحدث فرص عمل للمواطنين تتطلب مهارات عالية، وهو هدف بذلت المنطقة جهوداً لتحقيقه. معالجة مياه الصرف الصحي وأشار تقرير أصدرته «بوز آند كومباني» أمس، إلى أن على دول المجلس أن ترفع نسبة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، والتي تكلّف نحو الثلث مقارنة بكلفة المياه المحلاة، إذ أنها بديل جيد لبعض الأنشطة، منها صيانة المساحات الخضراء في محاذاة الطرقات العامة، وريّ المحاصيل غير الغذائية، وتبريد المناطق، وكذلك معدات توليد الطاقة في المنشآت الصناعية. وعلى رغم جهود حكومات المنطقة خلال السنوات الماضية لحل هذه المشكلة، إلا أن تجاهل المقيمين ومؤسسات الأعمال تبعات الاستخدام المفرط للمياه، حال دون تحقيق أي تقدّم. ومع تجاوز النمو السكاني اثنين في المئة سنوياً وفي ظل التوسع السريع لاقتصادات المنطقة، يقرّ عدد من الحكومات الخليجية بعدم إمكان تحمل المعدلات الحالية المرتفعة. وقال الشريك في «بوز أند كومباني» وليد فياض: «شح المياه أمر شائع في كل بلد عربي تقريباً، وفي حال عدم إجراء تغييرات ستواجه هذه الدول مشكلة خطيرة». وبدأت حكومات خليجية اتخاذ تدابير لمعالجة المشكلة، منها توقف السعودية عن شراء القمح من المزارعين المحليين بحلول عام 2016، لثنيهم عن زراعة القمح وتقليص العبء الذي تفرضه الزراعة على الموارد المائية. ولفتت المؤسسة العالمية إلى عدد من الحلول التي يمكن الحكومات الخليجية من خلالها ضمان استدامة إمدادات المياه، مثل إصلاح الزراعة التي تستنزف 80 في المئة من المياه المستهلكة في المنطقة، علماً أن مساهمتها قليلة في الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة. وأشار فياض إلى أن من شأن التوعية الجيدة أن تُهيئ الأجواء لإصلاح هيكل التعرفة، إذ يجب على الحكومات الخليجية الا تتحمّل تكاليف توفير المياه واستهلاكها، بل يجب أن يكون التسعير على أساس الاستهلاك. وإلى جانب زيادة الفعالية الاقتصادية، فمن شأن هذا التسعير أن يقلّص الهدر، وإذا بقيت الإعانات جزءاً من نظام التعرفة، فيمكن توجيهها لتأمين مياه الشرب للمقيمين الأكثر فقراً ودعم النمو الاقتصادي وأولويات وطنية أخرى.