بدا أمس أن جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاءها في مصر أُنهكوا، إذ لم تجد تظاهرات دعا إليها «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي وقال إنها ستستمر على مدار أسبوع أي صدى في الشارع الذي ساده هدوء حذر في أعقاب اشتباكات أول من أمس بين أنصار مرسي من جهة والشرطة والأهالي من جهة أخرى في أكثر من محافظة، أسقطت 173 قتيلاً وأكثر من 1300 جريح. وأطاح استخدام «الإخوان» العنف في الشوارع بفرص دمج الجماعة في العملية السياسية، وأعلنت الحكومة أمس أنها تبحث في اقتراح بحل الجماعة قدمه رئيسها حازم الببلاوي الذي شدد في تصريحات أمس على أن «لا مصالحة مع من تلوثت أيديهم بالدماء ورفعوا السلاح في وجه الدولة»، فيما أكدت الرئاسة أن مصر في «حرب ضد قوى الإرهاب»، ما عزز إمكانية وضع الجماعة على «لائحة المنظمات الإرهابية». وأبدت السلطات ارتياحاً كبيراً للدعم السعودي الذي عبر عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وما تبعه من مواقف عربية مساندة للحكم الجديد، آملة بأن يعزز من قدرتها على مجابهة تحركات «الإخوان» في مواجهة الضغوط الغربية التي تعرضت لها على مدار الأيام الماضية. وأعلنت «وكالة الأنباء السعودية» أمس أن خادم الحرمين أمر بإرسال ثلاثة مستشفيات ميدانية بكامل أطقمها من أطباء وفنيين ومعدات طبية إلى مصر، «دعماً للشعب المصري الشقيق وتخفيفاً من الضغط على المستشفيات هناك». وقالت جماعة «الإخوان» إن نجل مرشدها عمار محمد بديع قُتل في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في القاهرة. وكان ميدان رمسيس الذي شهد المواجهات الأعنف تحول ليل أول من أمس بعد سريان حظر التجوال إلى ساحة لمواجهات مفتوحة بين مسلحين وقوات الشرطة والجيش انتهت بتحصن أنصار مرسي بمسجد الفتح الذي حاصره الأمن حتى تمكن من فض التجمع في داخله بعد ظهر أمس. وأوقفت الشرطة القيادي في تيار «السلفية الجهادية» شقيق زعيم تنظيم «القاعدة» محمد الظواهري ورحلته إلى سجن «العقرب» الشديد الحراسة واعتقلت قيادات في «الإخوان» بينها عضو مكتب الإرشاد عصام مختار في محيط ميدان رمسيس وسعد عمارة الذي تواجد بين المتحصنين بمسجد الفتح في رمسيس ونجل رجل الأعمال حسن مالك الذي قال مسؤولون في وزارة الداخلية إنه كان في سبيله إلى مغادرة البلاد وتم توقيفه في مطار القاهرة. وشنت الشرطة حملة دهم على منازل قيادات المكاتب الإدارية ل «الإخوان» في محافظات عدة أوقفت خلالها العشرات، فضلا عن القبض على مئات من أعضاء الجماعة وقياديين محليين فيها في مواقع الاشتباكات، تمت إحالتهم على النيابة العامة للتحقيق معهم. وأُحيل آخرون على النيابة العسكرية بتهم التعدي ومحاولة التعدي على مركبات تابعة للجيش. وقالت وزارة الداخلية إنها ألقت القبض على أكثر من ألف شخص من أعضاء «الإخوان» أول من أمس واتهمتهم بارتكاب «أعمال إرهابية». وأوضحت أنها ضبطت «كميات كبيرة من الأسلحة في محافظات عدة»، وقدرت عدد قتلاها ب24 في مواجهات الجمعة. ودفعت الشرطة والجيش بقوات خاصة لمواجهة المسلحين في محيط ميدان رمسيس. وبعدما بدت الغلبة واضحة للقوات، تحصن مئات من أنصار مرسي بينهم مسلحون ونساء بمسجد الفتح في الميدان الذي حاصرته قوات الشرطة لأكثر من 12 ساعة حاولت خلالها لإقناع من في داخله بمغادرته. وتمترس «الإخوانط خلف باب المسجد وأغلقوا نوافذه، ونجحت المفاوضات قبل صلاة الفجر في إقناع عدد من المعتصمين بالخروج عبر الممر الآمن، لكن كلما خرج فرد أو اثنين كان شبان داخل المسجد يعمدون إلى مهاجمة قوات الشرطة في الخارج بألواح خشبية ومقاعد، ما يُحدث حالاً من الهرج والمرج تحول دون استمرار تدفق المغادرين. وأطلق مسلحون النار من مئذنة المسجد على قوات الأمن أثناء خروج عدد من المتظاهرين عبر الممر الآمن، ربما لإفشال المحاولة، فبادلتهم قوات الشرطة إطلاق النار، وحلقت مروحيات الجيش فوق المسجد لرصد المسلحين، ثم دخلت القوات الخاصة المسجد في مشهد سادته الفوضى لفض التجمع في داخله. وتمكنت بالفعل من توقيف مسلحين داخل المسجد، ووفرت خروجاً آمناً لمتظاهرين غير مسلحين ونساء ظلوا طوال ساعات الليل في داخله. وكاد الأهالي يفتكون بأنصار مرسي الخارجين من المسجد، لكن قوات الجيش والشرطة أمنتهم، وأطلقت وابلا من الرصاص في الهواء لفض تجمعات الأهالي ومنعهم من التعرض للمغادرين. وظهر أن قوات الشرطة أمنت خروج النساء والأطفال والفتيات وبعض الرجال فقط وأوقفت مئات ممن تحصنوا بالمسجد ورفضوا الخروج الآمن. وشوهد مئات الشباب والرجال يجلسون في ساحة المسجد، فيما قوات الشرطة تحيط بهم. سياسيا، قال المستشار السياسي للرئيس مصطفى حجازي إن المصريين «متوحدون اليوم أكثر من أي وقت مضى أمام عدو مشترك ولتأسيس دولة مدنية وأمام قوى الظلام التي تحض على العنف... لإنشاء مجتمع ودولة مؤسسات تتمتع بتوجه واحد نحو المستقبل». واعتبر في مؤتمر صحافي أمس أن ما يحدث في البلاد الآن «ليس خلافاً سياسياً ولكنه حرب تشنها قوى متطرفة ونوع من الإرهاب، ومصر ليست دولة رخوة ولا تابعة. هذه ليست مبالغة، لكن ما يحدث خارج القاهرة وفي سيناء وحرق الكنائس وقتل الضباط ومهاجمة المتاحف دليل على أنه ليس نزاعاً سياسياً بل عنفاً ونوعاً من الإرهاب». على صعيد آخر، قررت محكمة جنايات القاهرة أمس إرجاء إعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك وابنيه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه ورجل الأعمال الفار حسين سالم، إلى جلسة 25 آب (أغسطس) الجاري، بسبب الظروف الأمنية التي حالت دون حضور المتهمين إلى ساحة المحكمة.