قتل سبعة أشخاص وأصيب المئات في اشتباكات بين أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي من جانب ومعارضيه وقوات الشرطة من جانب آخر في ميدان رمسيس وسط القاهرة وقرب اعتصام الإسلاميين أمام جامعة القاهرة وفي شارع البحر الأعظم في الجيزة قرب مقر للشرطة. واعتقلت الشرطة المئات من أنصار مرسي قالت إنهم كانوا مسلحين بعد ليلة من الاشتباكات الدامية استمرت حتى بعد فجر أمس. وانطلقت الاشتباكات بعد أن تحركت مسيرات أنصار مرسي من أمام مسجد رابعة العدوية شرق القاهرة ومن أمام جامعة القاهرة في غرب العاصمة. وكانت نقابة الباعة الجائلين تقيم إفطاراً جماعياً لأعضائها في ميدان رمسيس القريب من وسط القاهرة، حين تحرك أنصار مرسي في مسيرة اقتربت من مسجد الفتح. وردد متظاهرون إشاعات عن أن الجيش استأجر بلطجية لاحتلال الميدان لمنع المتظاهرين من الوقوف فيه، ما زاد إصراراهم على التوجه إلى رمسيس، وأعتلوا جسر «6 أكتوبر» الرئيس وأغلقوه أمام حركة المرور، حتى أن بعض المتظاهرين بنوا أسواراً بالحجارة لشل حركة المرور. وبدأت الاشتباكات بين أنصار مرسي والباعة الجائلين بعدما اقترب «الإخوان» من ميدان رمسيس، وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة. وتدخلت الشرطة ضد أنصار مرسي، فأمطرتهم بقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود وفتح الطريق، وطاردتهم أعلى الجسر وأسفله بمساعدة الأهالي الذين أبدوا استياء من تصرفات «الإخوان» وحلفائهم. واستمرت الاشتباكات أعلى الجسر وأسفله بضع ساعات، حتى أن حرائق انتشرت في مناطق عدة، وإزاء شدة الهجوم على أنصار مرسي اضطروا إلى التراجع مجدداً إلى مسجد الفتح الذي تحصنوا داخله منذ الفجر وحتى ظهر أمس، فيما طوّق مئات الأهالي المسجد انتظاراً لخروج «الإخوان» منه. ودارت مفاوضات بين المتحصنين داخل المسجد والمتظاهرين حوله من أجل إخراج «الإخوان» منه بسلام، لكن خشية تجدد الاشتباكات طلب بعض الأهالي من «الإخوان» وأنصارهم المبيت في المسجد حتى أتت مسيرة بعد ظهر أمس وشكلت مع الأهالي دروعاً بشرية للسماح للمتحصنين بالمسجد بالخروج منه. وقُتل في اشتباكات رمسيس شخصان وأصيب 134 متظاهراً إصابة بعضهم خطرة. ورغم أن الاشتباكات دارت أساساً في ميدان رمسيس وأعلى الجسر بعيداً من مسجد الفتح بمئات الأمتار، إلا أن «الإخوان» وأنصارهم اتهموا الشرطة ب «الاعتداء على مسجد الفتح وعلى المصلين أثناء صلاة التراويح». وقال «التحالف الوطني لدعم الشرعية» في بيان إن «تعمد ضرب الشعب أثناء الصلوات يدل على أنها منهجية متعمدة وليست مصادفة أو حادثة عابرة». وحذر من «الترويج لحدوث أعمال عنف وتفجيرات واتهامنا تشويه صورتنا وإعاقة مسيرة استكمال الثورة. تلك الأعمال يدبر لها بليل». ودأب «الإخوان» على اتهام الشرطة والجيش ب «قتل المصلين» رغم أن أياً من وسائل الإعلام لم تسجل أي صلاة ل «الإخوان» في ميدان رمسيس أو أعلى «كوبري أكتوبر». وتكرر المشهد تقريباً في ميدان الجيزة القريب من مقر اعتصام «الإخوان» أمام جامعة القاهرة، وتحول الشارع الرابط بين الميدان والجامعة إلى ساحة كر وفر بين الأهالي و «الإخوان»، بعدما شرع المشاركون في مسيرة من مقر اعتصام «الإخوان» إلى ميدان الجيزة في قطع الطريق. واشتبك معهم الأهالي ودارت حرب شوارع بين الطرفين وتدخلت الشرطة فأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على أنصار مرسي لتفريقهم. وسقط 4 قتلى و114 جريحاً في هذه الاشتباكات التي استمرت ساعات قبل أن يعود أنصار مرسي إلى مقر اعتصامهم. ونظم مئات من أنصار الرئيس المعزول مسيرة اقتربت من قسم شرطة الجيزة، ودارت اشتباكات بين أهالي المنطقة والمتظاهرين بعدما تجمهروا أمام القسم وأطلقوا صوبه طلقات نارية من أسلحة خرطوش ورشقوه بالحجارة والزجاجات الحارقة. ودارت مواجهات أيضاً في محيط قسم شرطة الجيزة أسفرت عن مقتل شخص وجرح 8 آخرين. وقالت وزارة الداخلية إنها «تمكنت من ضبط 404 متهمين بإثارة الشغب وقطع الطريق» في ميداني رمسيس والجيزة وأعلى جسر أكتوبر، «قاموا برشق سيارات المارة بالحجارة والاعتداء على المواطنين ورجال الشرطة وتعطيل الحركة المرورية»، لافتة إلى أن «بينهم شخصاً سوري الجنسية بحوزته سلاح أبيض وثلاثة أقنعة وصاعق كهربائي ونبلة وبلي معدني». وأضافت أن 21 من ضباطها وجنودها جرحوا في تلك الاشتباكات. وأوضحت أنه «خلال الاشتباكات في ميدان الجيزة استوقف أعضاء في جماعة الإخوان مواطناً يدعى إسماعيل أحمد عيد، وتعدوا عليه بالضرب حتى الموت واستولوا على سيارته وتوجهوا بها إلى مقر اعتصامهم وأضرموا فيها النيران». وكشفت تحقيقات النيابة أن هذا الرجل ضابط سابق في الجيش وأن الإخوان انهالوا عليه بالضرب بالأسلحة البيضاء وبعدما فارق الحياة سحلوا جثته في الشارع وأوثقوها في شجرة للتمثيل بها. وقالت جماعة «الإخوان» إن «ضابطاً دهس بسيارته الخاصة عشرات المتظاهرين قرب ميدان الجيزة وتم التحفظ عليه لتسليمه إلى السلطات حين تتواجد». وأمرت النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل وموسع في أحداث الشغب التي شهدتها شوارع القاهرةوالجيزة أول من أمس. وطلب النائب العام هشام بركات من النيابة سرعة مخاطبة وزارة الداخلية لاستعجال التحريات للوصول إلى مرتكبي تلك الواقعة محل التحقيق والمشاركين فيها بالتحريض أو المساعدة. وأكد أن «النيابة عازمة على المضي في إجراءات التحقيق في شكل محايد وبالدقة اللازمة وصولاً إلى وجه الحق وتحديد المسؤولين عن تلك الوقائع الإجرامية وتقديمهم للعدالة». وكثفت الأجهزة الأمنية وجودها في محيط مدينة الإنتاج الإعلامي في مدينة السادس من أكتوبر، عقب دعوة منصة اعتصام رابعة العدوية الليلة قبل الماضية إلى التوجه إلى المدينة للتظاهر احتجاجاً على «الممارسات الإعلامية المضللة». وأعادت القوات المسلحة نشر عناصرها في محيط المدينة وقامت عناصر من المنطقة المركزية العسكرية بالتمركز حولها، وأحاطت عدد من العربات المدرعة بسور المدينة من كل الجهات، وتولت عناصر أخرى تأمين المدينة من الداخل. ودانت رئاسة الجمهورية العنف بكل أنواعه، معربة عن الأمل باستقرار الأمور عن طريق المصالحة الوطنية. كما دانت قوى سياسية عدة تلك الأحداث. من جهة أخرى، أعلنت القوات المسلحة أن عناصر التأمين التابعة للجيش الثالث الميداني تمكنت من ضبط 19 صاروخ من طراز غراد داخل سيارة نصف نقل كانت في طريقها إلى القاهرة. وأوضحت أنه عثر في داخل السيارة أيضاً على بندقية آلية وخزينة بها 21 طلقة كانت بحوزة السائق، مشيرة إلى ضبط شحنة تضم عدداً هائلاً من الزى العسكري وملحقاته في ميناء العين السخنة.