لم تختلف الدراما الخليجية في هذا الموسم كثيراً عن ذي قبل، بل تكرِّرت الأفكار والوجوه وغاب النص الجيد، في حين تفوقت المسلسلات المصرية والسورية وحظيت بنسبة مشاهدة كبيرة. ويرى الكاتب السعودي رائد البغلي أن الأعمال الخليجية لم تكن نداً لبقية الأعمال العربية مثل مسلسل «العرّاف» و«موجة حارة» و«القاصرات»، ويقول: «الفضائيات أصبحت تتنافس بعرضها لمسلسلات وبرامج أعدها منتجوها في وقت مبكر حتى تظفر بأكبر نسبة مشاهدة، ولكن تبقى قناة «إم بي سي» صاحبة الحضور الأقوى لدى المُشاهد الخليجي والعربي، من هنا ترى غالبية المنتجين أن عرض مسلسلاتها على «إم بي سي» يختصر نصف طريق النجاح». ويشير إلى أن الأعمال الخليجية البارزة والقوية تُعد على أصابع اليد الواحدة: «أزمة النص واضحة في الأعمال الخليجية تحديداً وكذلك أزمة الإخراج، إذا استثنينا بعض الأعمال إضافة إلى غياب الكوميديا التلقائية، والتي حلَّت محلها الكوميديا المصطنعة الهزيلة، بل السخرية المبتذلة». ويضيف أن نجومية سعاد عبدالله وحياة الفهد لم تستطع إنقاذ عملهما «البيت بيت أبونا» ولا إقناع المشاهد به أو إخفاء ضعف نص الكاتبة القطرية وداد الكواري، أو مداراة عيوب الإخراج الذي حمل توقيع المخرج غافل فاضل. فالمشاهد كان ينتظر عملاً بقوة تاريخ النجمتين، يروي ظمأ المتعطشين لهما بعد انقطاع التعاون بينهما ل13 عاماً. ولكن ما أن عُرِضت بضع حلقات من هذا المسلسل حتى تكشَّف للمشاهد الكثير من عيوبه». ويؤكد أن مسلسل «أبو الملايين» لم يكن بحجم نجميه عبد الحسين عبد الرضا وناصر القصبي ولا الإعلانات التي سبقته أو حجم الموازنة التي خُصصت له. ويلفت إلى أن المشاهد التراجيدية الخليجية تكررت في عرضها قضاياها المنحصرة في بوتقة العلاقات الأسرية المضطربة، والمشكلات المادية المتخندقة في الإرث والفقر. ويستثنى من الأعمال العربية التي غابت عنها الكوميديا الحقيقية مسلسل «العرّاف» لعادل إمام ويرى رائد البغلي أنه نجح في علاج قضايا الفساد المُستشري واتساع رقعة الطبقية في المجتمعات العربية، وما يترتب عليها من تفشي الفقر بين الناس. ويتابع: «أقوى المسلسلات الرمضانية نصاً مسلسل «موجة حارة» المأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي» للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، ويتطرق لموضوع تسييس الدين واستقطاب رجال الدين وتدثيرهم تحت عباءة السياسة، واستخدام سلطتهم للتأثير في الناس وجعل معظم تركيزهم واهتمامهم في الحيثيات الدينية الدقيقة، واشغالهم بالبديهيات عن حقوقهم القومية والمطالبة بها، بيد أن هناك مأخذاً على المسلسل يتعلق باحتوائه مشاهد تتنافى مع الصيام، باعتراف القائمين على العمل الذين ذكروا في مقدمته أنه لمن فوق 18 عاماً». ويُدرج البغلي مسلسل «القاصرات» لصلاح السعدني في قائمة أقوى أعمال هذا الشهر لتناوله قضية اجتماعية مهمة، أخذ منها العمل اسمه وهي زواج القاصرات في الأرياف المصرية، ويشير إلى أنه حضر حضوراً مميزاً على الشاشة وعالج قضية لا زالت تقطن وسط المجتمعات الريفية. ويرى أن الأعمال الخليجية تساوت في أدائها الفني، ولم يتقدمها عمل ملحوظ، إذ تشابهت فيها وجوه الممثلين، مشيراً إلى مستجدات طرأت هذا العام من تحالفات فنية انحسرت وولادة تحالفات أخرى، مثل عودة الفنانتين سعاد عبدالله وحياة الفهد في مسلسل «البيت بيت أبونا» واجتماع ناصر القصبي وعبد الحسين عبد الرضا في مسلسل «أبو الملايين» وتعاون عبد الله السدحان مع سعد الفرج في مسلسل «هذا حنا»، ما يعطي مؤشراً لاتساع خريطة الأعمال الفنية الخليجية ويوصل رسالة جديدة فحواها أن التحالفات الفنية لم تعد حكراً على فناني البلد الواحد. ويؤكد رئيس قسم الفن في صحيفة «الأنباء» الكويتية مفرح الشمري أن الأعمال الخليجية لم تحمل جديداً بل أفكارها مكررة، ويعتبر أن أفضل مسلسل عربي عرض في رمضان هو «لعبة الموت» (من بطولة اللبنانية سيرين عبد النور والسوري عابد فهد والمصري ماجد المصري). ويقول الشمري: «مسلسل «العراف» للممثل الكبير عادل إمام جميل خصوصاً أنه حمل صوراً إنسانية، وهذا ما جعله يحقق نسبة مشاهدة كبيرة على مستوى الوطن العربي». ويعتبر الناقد الفني مسؤول التحرير بصحيفة «النادي» السعودية نعيم تميم الحكيم أن الدراما الخليجية تعيش انحداراً كبيراً في الأعوام الأخيرة على رغم الموازنات الضخمة المرصودة لها واختيار أفضل الأوقات لبثها من القنوات الأكثر انتشاراً في العالم العربي، لكنها فشلت في إقناع المشاهد المحلي، والانتشار عربياً ومنافسة الدراما المصرية والسورية. ويعزو نعيم سبب هذا الانحدار إلى ضعف النصوص، وتكرارها، وغياب الحبكة الدرامية والمعالجة الجيدة، إضافة إلى افتقاد الإخراج إلى اللغة البصرية التي تتواءم مع النص المكتوب. فهل سيتعلم صناع الدراما الخليجية من أخطائهم ويقدمون خلال الموسم المقبل أعمالاً فنية قادرة على المنافسة؟