تحت ضغط الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية المتفاقمة، يحاول النظام السوري الاستفادة من أموال مجمدة في حسابات مصرفية خارجية في تغطية مشترياته من المواد الغذائية بما في ذلك القمح. وسورية مقبلة بسبب الحرب على أسوأ حصاد للقمح منذ ما يقرب من ثلاثة عقود رغم خطة الرئيس بشار الأسد لتحقيق «الاكتفاء الذاتي» في المواد الغذائية بهدف تفادي أثر التحركات الغربية لعزل حكومته وإضعافها من خلال العقوبات. وقال توربيورن سولتفيت من «مابلكروفت» لاستشارات المخاطر إن «حجم الدمار الذي أصاب الاقتصاد والبنية التحتية في سورية حتم ارتفاعاً حاداً في واردات المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والسكر». وأضاف: «ولأن من المرجح أن يتدهور الوضع في الشهور المقبلة، فإن النظام السوري يدرك أنه يحتاج لزيادة المخزونات لتوفير احتياجات المناطق التي يسيطر عليها». والمواد الغذائية ليست خاضعة للعقوبات الدولية، لكن عقوبات مصرفية وقرارات بتجميد أرصدة وأصول من جانب الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب الحرب، كل هذا خلق مناخاً جعل من الصعب على بعض الشركات التجارية أن يبرم صفقات مع دمشق. وفي الأسابيع الأخيرة أصدرت مؤسسات سورية سلسلة من المناقصات لشراء قمح وسكر وأرز بكميات يتجاوز إجماليها 500 ألف طن. وأظهرت وثائق اطلعت عليها «رويترز» وأكدتها مصادر تجارية لها دور نشط في صفقات من المحتمل إتمامها هذا الشهر، أن من شروط المناقصات أن يتم السداد من حسابات مجمدة من خلال استثناءات من الدول التي فرضت العقوبات المالية. وقال مصدر في الشرق الأوسط ينشط في تجارة المواد الغذائية مع دمشق، إن «لدى سورية أموال في بنوك في أوروبا والشرق الأوسط وتحاول استخدام هذه الحسابات لسداد قيمة واردات الحكومة من السلع الأولية والمواد الغذائية». وأضاف: «ليس أمام السلطات السورية خيارات تذكر، وتحتاج لإيجاد سبل لسداد مستحقات الموردين ومعالجة الأزمة الإنسانية بأي وسيلة ممكنة. عليها إطعام الشعب». وتقول مصادر تجارية إن الهدف من الجهود الرامية لاستغلال الأموال المجمدة هو زيادة المشتريات. وقال سولتفيت: «رغم أن مدى قدرة النظام على الاستفادة من الأرصدة المجمدة ليس واضحاً، فقد يرغم الوضع الإنساني المتدهور الحكومات الغربية على السماح بشكل غير رسمي باستخدام هذه الأموال في مشتريات المواد الغذائية الأساسية». وقال ناطق باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، إن «التجارة في السلع الإنسانية مثل الدواء والغذاء والسلع الغذائية مع سورية ليست ممنوعة ولا توجد قيود على مدفوعات هذه الصفقات. ومن الواضح أن أي صفقات يجب أن تحترم كل البنود الأخرى للعقوبات». وأضاف أن أحد البنود التي تنظم التعامل مع سورية لدى الاتحاد الأوروبي يقضي بأنه «يجوز الإفراج عن أرصدة أو موارد اقتصادية مجمدة إذا اقتضت الضرورة لأغراض إنسانية». ويقتضي ذلك الحصول على إذن من السلطات في البلد الذي يقع فيه البنك. ولم يستجب مسؤولون في باريس لطلبات للحصول على تعقيب من الحكومة الفرنسية عن البنوك المعنية في فرنسا. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الإيطالية: «حتى الآن لم تصدر إيطاليا قراراً بفك تجميد أي أرصدة سورية لسداد مشتريات المنتجات الغذائية. وسنرى ما سيحدث في المستقبل». وقال مصدر في منطقة الشرق الأوسط إن الأموال السورية لدى بنوك أجنبية تخضع لفحوص صارمة قبل الإفراج عنها.