باشرت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وبطلب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، التحقيق في العبوة التي انفجرت داخل منزل في بلدة داريا (اقليم الخروب - الشوف) أثناء تجهيزها من قبل الشقيقين المصريين عبداللطيف أحمد الدخاخنة (توفي بعد ساعات من حصول الانفجار جراء إصابته بنزيف حاد) ومحمد الذي توفي لاحقاً أثناء تلقيه العلاج في «المستشفى المركزي» في مزبود متأثراً بجروح بليغة أصابت معظم أنحاء جسده وأدت الى بتر إحدى ساقيه، والسوري محمد نجيب مسعود الذي يخضع للعلاج في المستشفى ذاته وفرضت عليه حراسة أمنية مشددة، فيما أوقف صاحب المنزل الشيخ أحمد عبداللطيف الدخاخنة وهو والد القتيلين عبداللطيف ومحمد. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية رسمية أن الانفجار حصل بعيد الثالثة والنصف عصر أول من أمس، وهو ناجم عن قيام الشقيقين عبداللطيف ومحمد الدخاخنة والسوري مسعود بتجهيز عبوة ناسفة (يدوية الصنع) هي كناية عن حشوة مصنوعة من مادتي السكر والبن وأخرى من البارود الذي يستخدم لصنع المفرقعات والألعاب النارية ويمكن الحصول عليها بسهولة في الأسواق ولا يثير شراؤها أي شبهات وتوضع داخل قسطل من الحديد. وأكدت المصادر أن عناصر من قوى الأمن الداخلي تابعة لمخفر بلدة شحيم وأخرى من فرع المعلومات هرعت الى مكان الانفجار، فيما تولت سيارات الإسعاف نقل المصابين الثلاثة الى المستشفى المركزي، وكان أحدهم (عبداللطيف) في وضع حرج بسبب الشظايا التي أصابت معظم أنحاء جسده. وتردد انه فارق الحياة بعد وقت قصير من نقله الى المستشفى، فيما تبين ان شقيقه محمد مصاب بشظايا حديدية لم يتمكن الأطباء من إسعافه وتوفي أثناء تلقيه العلاج وبترت إحدى ساقيه. وأضافت أن السوري مسعود أخضع فوراً الى عملية جراحية وأن وضعه الصحي مستقر ووضعت عليه حراسة أمنية مشددة من قبل قوى الأمن قبل أن تضع مخابرات الجيش يدها على التحقيق بناء لطلب القاضي صقر. ونقل الجريح السوري إلى المستشفى العسكري للمعالجة من الحروق غير البليغة التي أصيب بها، كما نقلت جثتا القتيلين إلى المستشفى المذكور وستخضعان إلى كشف طبي لمعرفة أسباب الوفاة والمواد التي بقيت على الجثتين من المواد المتفجرة التي استخدمت في العبوة. واوضحت المصادر أن مخابرات الجيش ستحقق مع الجريح فور أن يسمح وضعه الصحي بذلك لتحديد مسؤوليته المباشرة في انفجار العبوة أثناء تجهيزها تمهيداً لإعدادها للتفجير. وقالت ان قوى الأمن أوقفت صاحب المنزل الشيخ عبداللطيف الدخاخنة وسلمته الى مديرية المخابرات. وتردد في هذا السياق أنه لم يكن في المنزل أثناء تجهيز العبوة، فيما ذكرت مصادر أمنية نقلاً عن شهود عيان أنه كان موجوداً في احدى الغرف ولم يصب بأذى جراء الانفجار. وكشفت المصادر الأمنية أن عناصر من قوى الأمن الداخلي وفرع المعلومات فيها كشفت على مكان الانفجار ووجدت عبوة جاهزة للتفجير مصنوعة من المواد ذاتها وموضوعة داخل قسطل من الحديد إضافة الى قساطل عدة من الحديد لا تحتوي على الحشوات التي تستخدم للتفجير. وقالت انه تم العثور على علمين ل «جبهة النصرة» وآخر تردد أنه الذي يرفعه «الجيش السوري الحر»، كما عثرت على أجهزة اتصال لاسلكية، ومؤكدة انها صادرت خريطة «غوغل» موجودة عليها إشارات لأهداف في بلدات السعديات والحدث ووادي الزينة يمكن استهدافها بالعبوات التي يتم تصنيعها. تشكيك ببنك الاهداف ورجحت المصادر أن يكون بنك الأهداف الموضوع من قبل مصنعي العبوات يستهدف اغتيال شخصيات أمنية وسياسية يمكن معرفة هويتها لاحقاً من التحقيقات التي سيخضع اليها الناجي الوحيد من انفجار العبوة محمد نجيب مسعود. إلا ان مصادر أخرى شككت في ان يشمل بنك الأهداف من قبل مجهزي العبوات مقرات حزبية أو أمنية أو سياسية، عازية السبب الى انها ليست من العبوات الشديدة الانفجار والدليل ان انفجار إحداها في وجه معدّيها أثناء تجهيزها أدى الى مقتل شخصين بعد ساعات من انفجارها «وبالتالي هناك صعوبة في ان تستهدف مقرات أو مواكب أمنية وسياسية وتؤدي الى إصابة من في داخلها بجروح بليغة». لكن هذه المصادر لم تقلل من خطورة الجرم الذي ارتكبه من كانوا يجهزون العبوة أو من يقف وراءهم، «لأن الكشف عن هوية من يدعمهم ويناصرهم يتوقف على مجريات التحقيق التي يخضع لها الشيخ الدخاخنة ومسعود». ورأت المصادر أن «من غير الجائز استباق نتائج التحقيق الذي تجريه مخابرات الجيش تحت إشراف القضاء العسكري باعتبار انها جريمة من شأنها تهديد الاستقرار والاعتداء على أمن الدولة واستهداف حياة أشخاص في حال تبين من خلال هذا التحقيق أن أسماءهم مدرجة من ضمن لائحة بنك الأهداف». وفي هذا السياق، ذكر شهود عيان من بلدة داريا وآخرون من قرى إقليم الخروب أن انفجار العبوة أحدث صدمة في صفوف أهالي المنطقة ناجمة عن استغرابهم ان يستخدم المنزل الذي يقيم فيه الشيخ الدخاخنة والعائد لجمعية تعليم وتجويد القرآن الكريم في البلدة لتنفيذ عمليات إرهابية. وأكدوا أن لا صحة لما تردد من ان الشيخ الدخاخنة هو إمام بلدة داريا، وقالوا انه حضر الى بلدتهم منذ حوالى ربع قرن وأنه تعلم تلاوة القرآن الكريم وتجويده على يد مشايخ في المنطقة، قبل أن يتولى هو هذه المهمة في الجمعية الموجودة في البلدة. وتابعوا ان الشيخ الدخاخنة متزوج من امرأة لبنانية يعتقد انها من منطقة عكار، وقالوا انه يجاهر بعدائه للنظام السوري ولا يخفي تضامنه مع المعارضة، لكنهم فوجئوا باستخدام المنزل لتجهيز العبوات من أجل تفجيرها في أماكن تم التعريف عليها من خلال الإشارات الموضوعة على خرطة «غوغل». وكان مسؤولون في اتحاد بلديات قرى وبلدات الإقليم و «الحزب التقدمي الاشتراكي» و «تيار المستقبل» و «الجماعة الإسلامية» سارعوا الى عقد اجتماع طارئ ليل أول من أمس استنكروا فيه الجريمة وأكدوا تصميمهم على مواصلة التحقيق الذي باشره القضاء اللبناني لجلاء الحقيقة وكشف هوية المتورطين فيها وإنزال أشد العقوبات فيهم، إضافة الى ضرورة تبيان الأسباب التي استدعت وجود الموقوف السوري داخل المنزل ومشاركته في تجهيز العبوات. ولاحقاً أكدت بلدية داريا في بيان أن المدعو الشيخ أحمد عبداللطيف الدخاخنة«ليس إماماً في البلدة ولا يقوم بأية مهمات دينية أو إدارية في مساجد البلدة، وهو ما أكدته دائرة أوقاف جبل لبنان في بيان لها».