يلقى مسلسل «العراف» الذي يقوم ببطولته الفنان عادل إمام اهتماماً واسعاً لدى الجمهور، لفكرته التي تنبني على النصب والاحتيال والضحك على الفاسدين، ربما كون المجتمع يغص بهذا النوع من الناس. ودفع هذا العمل الفني الجمهور إلى البحث في أصل الفكرة، ومن أين استوحاها أو اقتبسها المبدع يوسف معاطي، صاحب النص والسيناريو، فمنهم من قال: إنها مستوحاة من فيلم «أمسك بي إن استطعت» للمخرج الأميركي ستيف سبيلبيرغ وبطولة ليوناردو دي كابريو، وإن كنتُ شخصياً «اكتشفتُ» من طريق المصادفة بعض ملامح العراف في الفيلم الهندي القديم «شري 420» وربما تقاطع أفكار لا غير. كل هذا يبقى مجرد قراءات يقدمها النقاد والجمهور على حد سواء، لأن معاطي نجح في اقتناص أفكار مستهلكة في السينما العالمية، ومنحها لبوساً فنية جديدة تتناسب وطبيعة المجتمع المصري والعربي بما فيه من واقعية وسريالية. ونجاح العراف يلغي كل محاولة للنيل من أصل القصة. حين نظرتُ إلى نموذج العراف في ملاعب الكرة وجدت مورينيو ماثلاً أمامي، فهذا المترجم نجح في ترجمة أحلامه في أن يكون على رأس أفضل فرق كرة القدم في العالم، فقاد بعضها إلى الألقاب، وأوقع بعضها في حبائل النصاب، وأذكر أنني كتبتُ مقالاً عن مورينيو في تموز (يوليو) 2010، وقلت إنه يمارس نوعاً من «النصب الأبيض» على الأندية، إذ إنه يتجنب تدريب المنتخب البرتغالي، لأنه يعرف تماماً محدودية المنتخب في نيل كأس أوروبا أو كأس العالم، ويفضل تدريب فرق مكتنزة بالمال حتى يفرض عليها جلب أفضل اللاعبين القادرين على إحراز الألقاب، وهو ما حدث في تشيلسي والانتر، لكن الطبخة كانت مفضوحة في الريال حين غادره بعد ثلاثة مواسم بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها إلا من ألقاب يمكن للنادي الملكي نيلها من دون مدرب، وقال أصحاب ألسنة السوء علينا أن نمحو هذه الفترة من تاريخ القلعة البيضاء. فالذي يتابع مسار البرتغالي المثير للجدل يدرك أنه لا يحوز ألقاباً إنما يشتريها طالما أن قيمة الفريق تصل أحياناً إلى ما يفوق البليون يورو. على رغم أن الريال سقط أمام فرق لا تساوي قيمتها ال100 مليون يورو، أي في قيمة لاعب من طراز كريستيانو. فالرجل لا يقصد الأندية الفقيرة والمعدمة، ليجعل منها أبطالاً، بل يتجه إلى المتخمة بالألقاب، لأن نسبة النجاح متوافرة فيها. أليس مورينيو عرافاً حقيقياً؟ وتمنيت لو أن يوسف معاطي وهو يصنع لعادل إمام شخصيات التاجر واللواء والمحامي والطبيب، أن يبتدع له دور المدرب الذي ينصب على الفرق الكبرى، فيجلب لها ألقاباً بعد أن يكبها أتعاباً. إنني لا أتجنى على مورينيو، ولا أسعى إلى إثارة حفيظة محبيه، وأعترف له بالذكاء والفطنة، لكن التوصيف الذي يليق به أخلاقياً في ملاعب الكرة مما هو بارز في ممارساته، لا يمكن أن يكون إلا نوعاً من النصب الأبيض المُثير للانبهار لدى أصحاب الجيوب المنتفخة في عالم الجلد المنفوخ. [email protected]