ما قام به جوزيه مورينيو في تشيلسي الانكليزي والأنتر الإيطالي وما يقوم به حالياً في ريال مدريد الاسباني يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أنه يقوم بما يشبه «النصب» حتى لا أقول الاحتيال، على هذه الأندية، وإقناعها بأنه «المخلص» وطوق النجاة لها إذا أرادت الألقاب والكؤوس وكسب مزيد من الفلوس.. ويمكن لأن المتابع لمسار الرجل يكتشف في النهاية أنه، إن لم يكن من أنصار «عولمة الكرة» وإسقاط الحواجز بين الملاعب، فإنه يكون داهية، يحسن كسب القوت بتحويل الأندية إلى مناجم للياقوت. فقناعتي الراسخة أن مورينيو وإن بدا مدرباً ذكياً، أعتقد أنه يمارس نوعاً من «النصب الأبيض» على الأندية التي يشرف على تدريبها، فهو لا يقبل بتدريب فريق محلي يكتفي بضم لاعبين من بلد الدوري أو البطولة، لأنه لا يحقق في رأيه التوهج وحصد الألقاب، فيقوم بتشكيل منتخب للاعبين من عموم العالم تحت راية تشيلسي أو أنتر ميلانو أو ريال مدريد، ولكم أن تعودوا إلى هذه الأندية التي دربها لتحصوا عدد اللاعبين الانكليز في تشيلسي، والإيطاليين في الأنتر، والإسبان في النادي الملكي، خصوصاً أنه ما إن يشرف على فريق حتى يبادر إلى سحب قائمة بأسماء أفضل لاعبي المرحلة من جيبه ليكونوا ضمن تشكيله الجديد، والدليل أن راداراته ظلت تشتغل أيام المونديال لاقتناص العصافير النادرة، فعينه لم تفارق مسعود أوزيل التركي الألماني، وسامي خضيرة التونسي الألماني، فضلاً عن خليط من لاعبين جيئ بهم من أندية مختلفة، وأقنع رئيس النادي فلورنتينو بيريز بأنه أنفق كثيراً من أجل رونالدو وكاكا وبن زيمة فلماذا لا يدفع أقل للحصول على لاعبين يقارع بهم الغريم برشلونة، وهو ما تحقق له، فهل سيكون قادراً على أن يضمن بتشكيل نجوم العالم عودة «الرجل المريض» إلى واجهة الصدارة، ولو بلاعبين لا تشتم منهم رائحة البايلا الاسبانية؟ إن مورينيو لا يؤمن باللاعب المحلي، والنادي المحلي، ولكنه يؤمن بالفريق ولا تهم الجنسيات، وبالتالي فعندما يحوز أي مدرب أفضل لاعبي العالم، لا أعتقد أنه بحاجة إلى عرافة أفريقية لتكون... مساعدةً له؟. شاهدت الريال في مباراة بيضاء، يجرب فيها مورينيو اللاعبين الذين جاء بهم من القارات الخمس، ولاحظت أنه يسعى إلى أن يجعل منهم نسخة من برشلونة، وربما يكون فهم رغبة مسؤولي النادي الملكي، وأراد أن يحقق لهم ما يريدون، وينسيهم المتاعب التي واجهتهم مع كابيللو وشوستر وبلغريني، ويمنحهم فريقاً يلعب كرة جذابة فيها متعة البارشا وبريق نجومها... فالمسألة لا تعدو أن تكون مجرد استنساخ لفريق يمثل الندية بكل ما تعنيه، إنما الفرق أن النادي الكاتالوني يحمل مشروعاً «سياسياً» فيعتمد في الأساس على لاعبين كاتالونيين، مؤمنين بعقيدة لابورتا، ومدعومين بنخبة منتقاة بعناية ليضمنوا الأهداف... والفرق أن مورينيو الذي قال إن غارديولا لا تاريخ له، نسي في لحظة أن هذا الشاب الكاتالوني استطاع في موسم واحد حصد ستة ألقاب من دون أن يصدر تصريحات جارحة في حق غيره. وإذا كان لا بد من كلمة نسديها إلى مورينيو سليط اللسان، ألا يبيع جلد الدب -كما يفعل البعض-، قبل أن يصطادوه... وإذا كان حبل الكذب قصيراً، فإن جبل النصب أحياناً يكون أقصر من... اللسان. [email protected]