اعتقدت بأن جوزي مورينيو ليس من النوع الذي يمكن أن تمتد إليه وساوس الشك من أن يخفق مع الريال في أول موسم... فالرجل الذي قال لمونتاري النجم الغاني ولاعب الأنتر: «عليك أن تخرج قبل نهاية الشوط الأول لأن الصوم أتعبك» لا يفكر في الذهاب إلى كينيا بدعوى الراحة والاستجمام، ولكن للتبرك بمشعوذيها الذين ربما يكون المشاغب البرتغالي صدق أنهم هم من أوصلوا أوباما إلى سدة الحكم في أميركا. فاستطاع أصحاب الرادارات الخفية رصد الرجل وهو يتوسط بمن لهم صلة بخبراء الشعوذة وقراء الفناجين لدعمه «ببركاتهم» في تحقيق نتائج كبيرة مع الريال، لأنه يدرك أن الرهان مع النادي الملكي في وجود الغريم الصعب والصلب برشلونة، لن يكون أمراً هيناً، ونيل اللقب لن يتحقق بمجرد وجود مدرب صارم، يضحك أول الموسم ويرقص في آخره، ويقطب حاجبيه بينهما (..). لقد صعقت حقاً، أن هذا المدرب الذي يشهد له العالم كله بالكفاءة والقدرة في كسب مباريات حاسمة بخطط لعب غير مألوفة، وصار في سنوات قليلة نموذجاً للمدرب الناجح، فمثلما تألق مع تشلسي، أكد تفوقه مع الأنتر، وجاء الريال بمثابة المنقذ للنادي الذي جرح كبرياؤه كثيراً في غياب ربان حقيقي لسفينة تنجو من الغرق كل مرة، لأن في كاتالونيا سفينة تحسن تخطي العواصف، برئيس لا يحب النادي الملكي لأنه رمز إسبانيا الموحدة، ومدرب فيه من دم الكاتالان ما يجعله نداً للريال ولو جاؤوا بنجوم العالم.. ولأن مورينيو يشعر بالخوف من الفشل، فمعنى هذا أنه، يدرك جيداً، أن تجربته في إسبانيا لن تكون صورة مستنسخة عن إيطاليا، ففي الكالتشيو، وجد اليوفنتوس مريضاً لم يتعاف بعد الهزات التي تعرض لها في المواسم السابقة، ووجد الأخ غير الشقيق ميلانو، فريق بيرلسكوني، قد شاخ ولم تنفع معه عمليات شفط الشحم ولا زرع الشعر، ووجد روما تستجمع قواها، ولكن هيهات، فلعب مورينيو وحده بفريق ليس بينه سوى إيطالي واحد لم يزل محكوماً بعقدة نطحة زيدان التاريخية، فلا يلعب سوى دقائق ليقول الإيطاليون إن في الأنتر دماً إيطالياً. وأما إسبانيا فأمرها آخر، ليس فيها كبير ولا صغير، ويمكن لأي فريق نكرة في الليغا، أن يحرق أعصاب خصمه، ولو كان برشلونة. فحسابات إيطاليا يمكنها أن تحسم اللقب في أول مباراة، أما في إسبانيا فإلى آخر دقيقة من آخر مباراة في الموسم. وكل هذا قد لا يجدي معه نفعاً، ذكاء المدرب، وقدرته في إدارة مباريات فريقه، لأن ذلك قد يكون متاحاً لدى الجميع، لكن اللجوء إلى مشعوذين، والاستعانة بعرافين، تأكيد على أن مهمة مورينيو لن تكون كما يعتقد الواثقون من مهاراته ومعرفته بمتاعب الليغا. فأن تلجأ إلى قوى غيبية خارقة، لا يفسر إلا بوجود حالة شك وتململ وخوف، وكأنه يبدأ التدريب للمرة الأولى، فالامتحان في إسبانيا يختلف عن انكلترا وإيطاليا، أليس الاسبان هم أبطال أوروبا والعالم، وأنديتهم حاضرة بقوة في بطولات أوروبا؟ والشاطر من يكسب لقباً في الأندلس. إن موقف مورينيو هذا يحيلنا إلى ما قاله لابورتا عندما لاحظ أن الريال يجلب نجوماً بأسعار تفوق الخيال «هم يشترون النجوم، ونحن نصنعها» وهذا هو الفرق بين أغلى ناديين في إسبانيا، ولا أظن أن غوارديولا ذهب خلسة إلى غينيا أو غانا ليستعين ببركات المشعوذين هناك، ويسعى لإيقاف إعصار مورينيو المنتظر. والسبب أن بيبي لا يرى جدوى في ذلك وعنده ميسي وفيا وتشافي وإنييستا، ولو أنه قصد المشعوذين لشكك في مهارات لاعبيه، فهل يخاف مورينيو من أن يخذله نجومه ولو كانت بحجم رونالدو وكاكا.. ومع ذلك أقول حتى أنت يا مورينيو تعشق نزار قباني وتعيد قراءة رائعته قارئة الفنجان. [email protected]