لا تزال بعض العقول المرتبكة التي لم تفهم الدين الإسلامي على حقيقته بأنه باقٍ ما شاء الله له أن يبقى، وأن الدين لا يرتبط بالشخص، أي شخص كان، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي جاء بالإسلام، لم يرتبط الدين بشخصه، ولما مات صلى الله عليه وسلم وهاج بعض المسلمين ولم يصذقوا موته، صاح فيهم أبوبكر الصديق رضي الله عنه قائلاً: «من كان يعبد محمداً فإنه قد مات، ومن يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، ثم تلا قوله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرَّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)، وكان عمر بن الخطاب لم يصدق بوفاة الرسول، قال عندما تلا أبوبكر هذه الآية كأني أسمعها للمرة الأولى، فهدأت نفسي. كثيرون من يؤمنون بشخصية إنسان ما، يكون متديناً مع أن مسألة التدين هذه لم يأت بها الإسلام، فالإسلام له أركان من عمل بها فهو مسلم مؤمن، ومن تركها فقد خرج منه، وهذه الأركان ذكرها الله في كتابه وأكدها الرسول بسنته، ولم يجعل الإسلام الشكل دليلاً على إيمان الشخص، حتى لو كان يختم القرآن كل ساعة، ويعتكف في المسجد طول حياته، فالله ينظر إلى القلوب وهو الوحيد الذي بيده سبحانه وتعالى مقاييس الإيمان، ومقاييس العصيان، لكننا في هذا الزمن الرديء الذي حُكم فيه الدين بالشكل، بدءاً من إطالة اللحية، وتقصير الأثواب، وظهور البقعة السوداء على الجبين، وتعطيل الفكر، وعدم التأمل في كتاب الله وسنة رسوله، وعدم تطبيق قول الرسول «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، والقياس عليها من كتاب الله وسنة الرسول، ظهرت فئة تتاجر بالدين وتطويعه لمصالحها بحجة سدّ الذرائع، والهدف منها السيطرة على الناس وإلغاء عقولهم، ليكونوا أداة يلعبون بها متى ما شاءوا، ليضغطوا بها أمام أي جهة منكِرة أو معترضة، أو متصدية لفضح فكرهم وإخراج الناس من غشاوة الجهل الذي صنعته مشيختهم على الناس، ومن هنا نشأت في مجتمعنا ذهنية ضعيفة الدين منسلخة عن مبادئه تحلل ما يحرمه كالشتم، واللعن، والقذف، واللعن، والتكفير، وهذه حقيقة أصبحت سائغة على ألسنة الكثيرين ممن آمنوا بالشخص، وتحرم ما أحله كإعطاء المرأة حقوقها مثلاً، ومشاركة الرجل في الحياة كندين لا كجارية تباع وتشترى وتستخدم في خدمة شهواتهم النابضة بالدناءة. من هنا جاءت ذهنية هؤلاء الجهلة مرتبكة، مشككة في كل من يخالفها، ولا بأس أن تتدخل حتى في سرائر الناس، ولأنهم لا يملكون الحجج استغلوا الدين أسوأ استغلال في التبرير والتحريض، وهذا ما برز بوضوح في ذهنية المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً السعوديين الذين جنّ جنونهم بعد سقوط مرسي فهم يبررون على الأقل بأنه حافظ لكتاب الله ولا تهمهم مصر إن ضاعت على يديه وحزبه، فقال أحدهم وهذا إخواني مصري «إن هدم الكعبة أهون عند الله من عزل مرسي»، هذه هي الذهنية لتبرير القتل الذي كان النص فيه للنهي عنه، وانظر أحدهم من السعوديين كيف يحرض فيقول: «الذي أراه من اعتصم في رابعة العدوية ونحوها لتكون كلمة الله هي العليا فهذا جهاد أفضل من الاعتكاف في العشر الأواخر»، هذه الذهنية نفسها أجازت الإفطار للمرابطين في رابعة، ولا ترى أنها تجاوزت ركناً من أركان الدين لصالح الحزب. [email protected] @zainabghasib