انطلقت امس في تونس مشاورات بين الائتلاف الحكومي الذي تقوده حركة «النهضة» الإسلامية ومكوّنات المعارضة والمجتمع المدني للتشاور في الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي الأسبوع الماضي على أيدي من وصفتهم وزارة الداخلية بسلفيين متشددين. وجاء انطلاق المشاورات في وقت تواصل قوى المعارضة اليسارية والليبرالية اعتصامها أمام المجلس التأسيسي (البرلمان) في العاصمة تونس للمطالبة بإسقاطه وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. ويرفع المشاركون في هذا التحرك شعارات مناهضة لحركة «النهضة» الحاكمة. وفي جانب آخر من الساحة ذاتها يعتصم «أنصار الشرعية» الذين ينددون بما يعتبرنه مطالبة بانقلاب على حكم الإسلاميين في تونس، ويحذّرون من تكرار «السيناريو المصري» الذي أدى إلى عزل الرئيس محمد مرسي في اوائل تموز (يوليو) الماضي. والتقى رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي، أمس الخميس، بوفد من الحزب الجمهوري برئاسة الأمينة العامة مية الجريبي. ويدعو هذا الحزب المعارض إلى حل المجلس التأسيسي (البرلمان) وتشكيل حكومة إنقاذ وطني ترأسها شخصية وطنية مستقلة تشرف على تنظيم الانتخابات المقبلة. وفي السياق ذاته، التقى رئيس الجمهورية راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» وعماد الدائمي الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (مشارك في ترويكا الحكم) ومحمد الحامدي الأمين العام لحزب التحالف الديموقراطي المعارض. وقال الغنوشي، عقب اللقاء: «نحن منفتحون على وفاقات جديدة... ومتمسكون بعلي العريض رئيسا للحكومة». وأكد الناطق باسم الحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح إلى «الحياة»، أن حزبه «منفتح على الحوار على رغم تشدد مواقف قيادات في الحزب الحاكم وتضارب المواقف في ما بينهم، وهو ما يعقّد مهمة التفاوض»، بحسب قوله. وشدد الشابي على أن حزبه «لن يقبل بأقل من حكومة ترأسها شخصية مستقلة تقود حكومة كفاءات للتصدي للإرهاب والعنف المستشري في البلاد». في المقابل، صرّح سامي الطريقي عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» بأن المطلوب من كل الأطراف أن تنطلق في «حوار مسؤول ودون شروط مسبقة»، مشدداً على أن حركته «منفتحة على كل الاحتمالات بما فيها تشكيل حكومة جديدة»، مع التشديد على أن «لا سبيل الى حل المجلس التأسيسي لأنه يدفع بالبلاد الى الفراغ». وتقول مصادر في حركة «النهضة» إنها بصدد التقريب في وجهات النظر بين قيادييها (المعتدلين والمتشددين) المنقسمين على ما يبدو بين خيار تشكيل حكومة جديدة وخيار توسيع الائتلاف الحاكم بضم أحزاب من المعارضة العلمانية. وفي السياق نفسه التقى مساء رئيس الحكومة القيادي في «النهضة» علي العريض حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) للتشاور حول اقتراح الاتحاد للخروج من الأزمة. وكان الاتحاد طالب بحكومة إنقاذ وطني محايدة، ولا يترشح أعضاؤها في الانتخابات المقبلة، مع الحفاظ على المجلس التأسيسي لإنهاء صوغ الدستور والقانون الانتخابي. لكن، في المقابل، تواجه المعارضة والاتحاد العام للشغل ضغطاً من الحركات الشبابية المشاركة في «اعتصام الرحيل» أمام المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بحل المجلس والحكومة. وصرّح الناشط في «الحركة الشبابية الثورية» عزيز عمامي إلى «الحياة» بأن المعتصمين سيواصلون اعتصامهم أمام المجلس إلى حين إسقاطه حتى لو توصلت الحكومة والمعارضة الى اتفاق لا يتضمن حل مجلس التأسيسي. وفي سياق آخر، قضت دائرة الاتهام بالمحكمة الابتدائية بسوسة، أمس، بإطلاق أمينة السبوعي الناشطة في منظمة «فيمن» النسوية الأوكرانية بعد أكثر من شهرين من اعتقالها في قضية تتعلق بالأمن العام والاعتداء على الأخلاق الحميدة.