هل الخبر الذي نشرته بعض وسائل الإعلام عن اعتماد المغنية اللبنانية إليسا طريقة «البلاي باك» في بعض حفلاتها الغنائية الأخيرة، صحيح أم أنه مجرد شائعة. سؤال يجاب عنه، من القريبين من الموضوع بجوابين متناقضين: الأول يقول أن الخبر صحيح، وان إليسا عند إحياء المهرجان المقصود كانت في حال صحية غير مناسبة، وبدلاً من إلغاء الحفلة اعتمدت طريقة «البلاي باك» في بعض أغانيها خلالها. والجواب الثاني يقول أن الأمر لا يعدو كونه تشنيعاً على المغنية الناجحة لا أكثر ولا أقل... وقبل سنتين تقريباً: طرح موضوع «النشاز» الذي ينتاب صوت إليسا خلال حفلاتها الحية، وتحديداً بعد مرور وقت قصير على بداية الغناء. واعترفت هي نفسها بهذا الأمر، ما اعتبر في حينه جُرأة استثنائية منها في التعامل مع النقد الفني. أين المشكلة؟ هل هي في أساس تركيبة صوت إليسا أم في نوعية الأغاني التي تختارها؟ أم أين؟ لا، ليس صوت إليسا الدافئ، العاطفي، الشديد الحساسية يشكل عائقاً أمامها في إنجاز حفلة غنائية من دون «نشاز»، وإن يكن هذا الصوت محدود الطاقة او القوة، وبالتالي لا يستطيع الصمود غناءً في المكان المفتوح من دون إرباكات معينة تصيب أصلاً حتى أصحاب الأصوات الخبيرة. أي انه إذا كانت «الأخطاء» الإدائية واردة عند الجميع، ولو بنسب متفاوتة، إذ ان بعضها أخطاء عابرة وبعضها الآخر أخطاء لا تحتمل! فإن المشكلة الأساسية تكمن في نوعية أغاني إليسا، أو بالضبط نوعية غالبية أغانيها التي تتطلب قدراً عالياً من الصفاء الصوتي، «والرواق» في أوتار الحنجرة، والمزاج الهادئ. وهذا لا يتوافر باستمرار في كل وقت تقف فيه إليسا على خشبة مسرح لتقديم حفلة غنائية... في الأستوديو حيث تسجل أغانيها، تختار إليسا كغيرها من النجوم الوقت الذهبي للتسجيل، أي الوقت الذي تكون فيه مرتاحة المزاج، وصوتها في أحلى حالاته، نظراً إلى الأبعاد الرومانسية الشفافة التي تميّز أغانيها. أما عندما تؤدي تلك الأغاني نفسها أمام الجمهور، فقد لا تكون بالضرورة في الوضعية النفسية عينها، وبما أن أغانيها متطلبة إدائياً، فإن الجمهور يمكن ان يلحظ الوهن الواضح في ذلك الإداء، مراراً وتكراراً، حتى أن الانزعاج يبدو عليها هي من دون مواربة. ولدينا على الفضائيات الفنية حفلات لإليسا لا تحصى تعاني فيها من هذا الوضع المؤلم. ما هو الحل؟ ليس صوت إليسا أضعف من الأصوات الأخرى التي تُطلب الى حفلات حيّة، من نجوم لبنان والعالم العربي. الفارق الوحيد بين إليسا وغيرها هي أن إليسا تختار في ألبوماتها أغاني كلها من نوع «حساس» واحد تلزمه «صحة» كاملة في كل وقت أدائي... في حين أن نجوماً آخرين يختارون في ألبوماتهم أغاني خفيفة، غير متطلبة، يمكن تأديتها في أي وقت. وأما النوع المتطلب من الأغاني فيختارون منه أغنية أو أثنتين على أبعد تقدير في الألبوم كله. وبذلك، فإن حفلاتهم المباشرة لا تعتبر «امتحاناً» لهم بقدر ما تعتبر نزهة، وهؤلاء بإمكانهم تجاهل الأغنية المتطلبة في حفلاتهم إذا وجدوا أنهم غير مستعدين لها. أما إليسا فماذا تتجاهل اذا كانت كل ألبوماتها من هذا المعين؟ وكيف تتجاوز «الامتحانات» الإدائية في كل حفلة وليس بين أغانيها ما يمكن ان يشكل «استراحة» إدائية بين أغنية متطلبة وأخرى؟ ربما اختارت أليسا أن تغني «بلاي باك» في بعض الحفلات، او في مقاطع من بعض الحفلات، لكن هذا ليس حلاً، لأن الانطباع السلبي سينتشر لدى الجمهور الذي يُدعى او يدعو نفسه الى حفلاتها، ما قد يخفف أصلاً من الطلب عليها لإحياء حفلات، لأن الجمهور يرغب في أن يغني له نجمه الغنائي مباشرةً، لا مداورة ً ولا بالواسطة. قد يكون الحل في اعتماد إليسا أنواعاً عدة من الغناء بدلاً من ذلك التركيز على لون واحد نجحت فيه تسجيلاً في الاستديو، وأصابها فيه اهتزاز على المسرح، هذا بالإضافة الى بعض التمارين الصوتية التي تُكسب أوتار الحنجرة مناعةً ضد... الهواء الطلق!