أبدت «حركة البناء الوطني»، وهي ثالث حزب «إخواني» ينشطر عن «حركة مجتمع السلم» التي أسسها الراحل محفوظ نحناح، استعداداً للتعامل مع مختلف المبادرات السياسية المطروحة حالياً في خصوص موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. وطالبت الأحزاب الإسلامية بضرورة مراجعة خطاباتها في المرحلة الحالية لتفادي أي بوادر استقطاب بين إسلاميين وعلمانيين. وحض الأمين العام ل «حركة البناء الوطني» أحمد الدان الأحزاب السياسية على ضرورة تغيير خطابها في المرحلة الحالية، بخاصة الإسلاميين والعلمانيين، وذلك تجنباً لأي استقطاب بين هذين التيارين، والعمل على «الوصول إلى كلمة سواء» بينهم تتمثل في قواعد ديموقراطية تعمل على تجنيب البلاد المخاطر المحدقة بها بخاصة في ظل «الأحداث الإقليمية» في دول الجوار مثل ليبيا وتونس ومالي، محذّراً من «كل هذه الاضطرابات» التي قد تدفع الجزائر ثمنها. ولم يكن مصطفى بلمهدي، مؤسس «البناء الوطني»، في دائرة الأضواء منذ وفاة الراحل محفوظ نحناح. وفي أول أزمة انشقاق عصفت ب «حركة مجتمع السلم» التزم بلمهدي الحياد في الصراع الذي دار بين الشيخ أبو جرة سلطاني رئيس الحركة السابق والدكتور عبدالمجيد مناصرة الذي أسس لاحقاً «جبهة التغيير» كأول فصيل سياسي ينشق عن الحركة التي تُعرف ب «حمس». إلا أن قرار خروج عمر غول من «حمس» وتأسيسه «تجمع أمل الجزائر»، حرّك على ما يبدو فكرة الانشقاق لدى بلمهدي الذي يرتبط بعلاقات وطيدة بقادة «الإخوان المسلمين» في مصر. وقال الدان في ندوة نظمتها «حركة البناء الوطني» إن «تغيير خطاب الأحزاب الإسلامية أمر مطلوب، ونعترف بأن الخطاب الإسلامي لم يعد قابلاً لاعتماده، لكن يتوجب في المقابل على العلمانيين أن يستوعبوا حق الإسلاميين في الممارسة السياسية والحكم إن فازوا في الانتخابات». وحديث الإسلاميين عن «التيار العلماني» بهذه النبرة الخافتة ليس جديداً في الساحة السياسية الجزائرية بحكم وجود سوابق من «حركة مجتمع السلم» و «حركة النهضة» اللتين بدأتا لقاءات مع الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» لبلورة مشروع سياسي مشترك. ويعكس التقارب الجاري منذ شهور بين قياديين في التيار الإسلامي بالجزائر، إرادة قوية لديهم في وضع «المشروع الإسلامي» في قلب المعادلة السياسية في البلاد، تحسباً لحدوث تغيير في النظام بدأوا يشمّون رائحته منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، وأحسّوا بقربه ببدء الحديث عن «مرحلة ما بعد» الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. ولحاق «البناء الوطني» بمسار الإسلاميين للتقارب مع «الليبراليين الوطنيين» يعكس رغبة واضحة في أن يكونوا عاملاً مهماً في معادلة الرئاسيات المقبلة.