يمكن وصف ما حدث في مصر بعد 30 حزيران (يونيو) من وقوف الجيش مع إرادة الشعب للإطاحة بمندوب تنظيم الإخوان في القصر الرئاسي بعملية قطع رأس الأفعى الإخوانية التي ظلت طوال أكثر من 80 عاماً تعيش تحت الأرض حتى سنحت لها الفرصة بإخراج رأسها للهواء تزامناً مع نجاح ثورة 25 كانون الثاني (يناير) التي تنحى بسببها الرئيس المصري الأسبق «مبارك». الأفعى الإخوانية التي أوجدت لها جحوراً متفرقة في الدول العربية طوال فترة كمونها، خلّفت وراءها أفاعي صغيرة تعيش حالياً في حال «يُتم» دفعتها إلى التقافز للضوء في محاولة يائسة لإنعاش «الأم» بعملية جراحية مستعجلة تعيد رأسها إلى جسدها عبر استنفار المصريين وتحويلهم إلى قرابين رخيصة لحرق بلادهم، وإراقة دمائهم. في دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، تعالى فحيح الأفاعي الصغيرة من خلال القنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي، وشاهد الناس الدعوات الحثيثة المشبوهة للتوقيع على بيانات تحاول تشويه صورة الجيش المصري العظيم، وتستجدي الغوغاء في أرض الكنانة لإشعال حرب أهلية تهلك الحرث والنسل تحت غطاء «الدفاع عن الشرعية»، وهو أمر خطر جداً ولا يتصور عاقل أن يمر من دون محاسبة حقيقية تجتث هذه الأفاعي من جحورها، خصوصاً إذا عرفنا أن أيتام التنظيم في السعودية كانوا يؤملون أنفسهم بالفوز بكعكة «ولاية الإقليم» من الخليفة الإخواني الذي حلموا بأن يتوحد العالم العربي تحت سلطته، وهذا ليس من باب المبالغة أو التهويل، إذ خرج أحدهم قبل ثورة 30 حزيران (يونيو) بتصريح «فنتازي» خلال مؤتمر عُقد في القاهرة بحضور المعزول «مرسي العياط» أكد فيه أنه بات يرى الخلافة «رؤية العين» قبل أن يجمع حقائبه ويطير إلى لندن للاستمتاع بجوها الجميل في هذا الصيف. يتيم آخر من أيتام الأفعى الإخوانية في السعودية خرج قبل أيام، عبر قناة فضائية فاشلة تتبع التنظيم وتبث من لندن، مهاجماً حكومات الخليج ومطالباً الناس بالتوقيع على ما سماه «بيان المثقفين السعوديين» لاستنكار الإطاحة بمندوب التنظيم الإخواني في قصر الرئاسة في القاهرة، وهو بيان ساذج لا علاقة للمثقفين به من قريب أو بعيد، ويمكن اعتباره في أفضل الأحوال نتيجة مضحكة للتخبط الذي يعبث بصحة وعقول أيتام التنظيم في السعودية. هناك أيتام آخرون للأفعى الإخوانية في السعودية أكثر استتاراً ممن أشرت إليهم، وهؤلاء لا يعملون ضمن الإطار الكلاسيكي للتنظيم بل يكتبون للصحف ويظهرون كمحللين سياسيين في البرامج الحوارية للدفاع عما يصفونه ب«شرعية مرسي»، وقد بدأوا أخيراً في خفض سقف عملياتهم الدفاعية لتتحول إلى حديث ظاهره التنظير في الديموقراطية وباطنه تلميع التجربة الإخوانية الفاشلة التي لفظها المصريون الأحرار خارج التاريخ. حكومات الخليج العربي اليوم أمام واجب عروبي وأخلاقي وتاريخي لوأد دعوات الفتنة والتحريض على حرق مصر التي تنطلق من داخل حدودها، وكل الظن أنها بدأت في وأدها بالفعل، فمصر تستحق من أشقائها العرب الكثير. [email protected] @Hani_Dh