التحركات الأمنية الأخيرة في الإمارات، التي أسفرت عن ضبط مجموعة من المتآمرين لقلب نظام الحكم، ينتمون لتنظيم إخواني سرّي، كشفت أن الأفعى الإخوانية التي حفرت جحورها جيداً على مدى سنوات طويلة في كثير من الدول العربية، لتطل برأسها من كل جحر عند اللزوم أخطأت هذه المرة في حساباتها، وأحرقت أوراق استراتيجياتها التي عملت عليها منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما أسست جناحاً عسكرياً سرياً ولجاناً تنسيقية وتنفيذية في الدولة الخليجية ذات النمو الاقتصادي الأسرع والأبرز في المنطقة خلال عقود قليلة. الأفعى الإخوانية في الإمارات لها حكاية قديمة لا يعرفها كثير من المتابعين لنشرات الأخبار، فهي وإن كانت أطلت برأسها في تونس وغيرها بمسمى «حزب النهضة»، وفي السعودية بمسمى «تيار الصحوة»، فقد اختارت أن تطل في الإمارات بمسمى «جمعية الإصلاح»، وهذا التعدد في المسميات ليس سوى أبرز سماتها، خصوصاً حينما ندرك أنها غيّرت مسماها في مركز مولدها ومهد طفولتها العام الماضي لتتمكن من الوصول للسلطة من دون معوقات. من الاعترافات التي سجلتها المجموعة الإخوانية الانقلابية في الإمارات أو «جمعية الإصلاح» تلقيها دعماً مالياً بملايين الدولارات من شخصية دينية معروفة في دولة خليجية، لتأسيس جناح عسكري يعمل على قلب نظام الحكم، واستيلاء التنظيم الدولي للإخوان عليه، كما وجهت النيابة العامة أخيراً لأفراد التنظيم السرّي تهماً عدة منها: «إنشاء وإدارة تنظيم سري يمس الأمن ومبادئ قيام الدولة، والارتباط بجهات خارجية، وتلقي تعليمات وأموال منها، والتعرض للقيادة السياسية في الدولة، إضافة إلى بناء محفظة استثمارية لدعم تنظيم غير مشروع». اللافت للنظر أن بعض أفراد الفرع الإخواني المتآمر في الإمارات، حصلوا على الجنسية الإماراتية قبل سنوات قليلة، وبدلاً من أن يشكروا الدولة التي احتضنتهم ووفرت لهم سبل الرعاية كافة هم وأسرهم حين كانوا مشردين في الأرض، انقلبوا عليها وعضوا بخيانة منقطعة النظير اليد التي امتدت لهم بكرمها، وهو المنهج ذاته الذي سلكه رفاقهم في السعودية سابقاً، وقد أشار لذلك الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما أوضح في لقاء صحافي أجرته معه صحيفة «السياسة» الكويتية عام 2002، أن السعودية احتضنت الكثيرين من الإخوان فانتهزوا السماحة والكرم وعملوا على بث أفكار لا تتفق مع الإسلام الصحيح، بل إنهم سيّسوا الإسلام لأهداف ذاتية، والكثيرون منهم اعتمدوا نهجاً يرتدي عباءة الدين لزعزعة الأمة وتفتيتها، وهو ما استدعى السلطات السعودية في وقت لاحق إلى إبعاد المقيمين من «الإخوان» عن السعودية إلى بلدانهم الأصلية، بعد أن حاولوا النيل من القيادة السعودية سراً وعلانيةً. حالياً تتعرض القيادة في الإمارات لحملات تشويه مفتعلة، وغوغائية مدعومة لوجستياً وسياسياً من أطراف مختلفة على المستوى الدولي، بعد كشفها للتآمر الإخواني على أمن البلاد واستقرارها، وهي فعلياً على مفترق طرق في مسألة التعامل مع «الأفعى الإخوانية»، التي لن تتوقف مؤامراتها وفاعليتها عند المجموعة المقبوض عليها، على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة، ولذلك فإن استمرار تدمير جحور هذه الأفعى من دون تراخٍ أو تراجع، وتجفيف سبل دعمها بالإجراءات الأمنية الصارمة، والاتصالات السياسية الفاعلة، يبدو الخيار الأفضل لإنهاء حياة هذه الأفعى على الأراضي الإماراتية، ومن واجب القيادات الأمنية في دول الخليج كافة أن تسخر جهودها للتعاون مع هذا المشروع الاستراتيجي لحماية أمن واستقرار المنطقة بشكل عام. [email protected] @Hani_Dh