يدرس كبار القادة العسكريين والأمنيين المشرفين في بغداد إقتراحات لوضع حد للخروق المتكررة تحصد أرواح مئات العراقيين، فيما يدعو البرلمان الأجهزة الأمنية إلى عدم الاستسلام للارهابيين. وشهدت العاصمة لسل السبت - الأحد تفجير ثماني سيارات مفخخة طاولت عدداً من أحياء العاصمة، بينها بغداد الجديدة والزعفرانية وام الطبول والطوبجي والشرطة الرابعة والبياع والكرادة وحي المواصلات، أسفرت عن مقتل أكثر من 39 شخصاً واصابة اكثر من مئة. وقال مصدر في غرفة العمليات في بغداد ل «الحياة» ان «كبار القادة في وزارتي الداخلية والدفاع يعكفون على دراسة إقتراحات قدمتها الجهات المعنية لضبط لإحباط مخططات الارهابيين لا سيما بعد تكرار استهداف المقاهي والاسواق الشعبية في الأمسيات، وهو اسلوب جديد انتهجته المجموعات الارهابية التي طالما اعتادت على تنفيذ هجماتها في ساعات الصباح الاولى، لكن خلال الايام الماضية نفذت اكثر من 20 عملية مساء أو في الليل مستغلة وجود الشباب والعائلات في المقاهي والاسواق خلال شهر رمضان المبارك». وأضاف المصدر أن «العصابات الارهابية مستمرة في تطوير امكاناتها اللوجستية والفنية او ادائها في شكل مفاجئ، وهذا امر لا يستهان به ويشير إلى ان لدى تلك العصابات فريق عمل يخطط كيف وينفذ وقت ما يشاء، ما ادخل الاجهزة الامنية العسكرية في حرج كبير». ولفت الى ان «على طاولة غرفة العمليات عدداً من الإقتراحات، بينها تشديد الاجراءات على المقاهي والاسواق العامة، فضلاً عن الزام جميع اصحاب المحلات التجارية والترفيهية على نصب منظومة كاميرات مراقبة ترتبط بشبكة مركزية تتابع ما تسجله، على مدار 24 ساعة. وهناك اقتراحات اخرى لا يمكن الخوض فيها الآن». إلى ذلك، دان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي «التفجيرات التي استهدفت بغداد ومحافظات عدة وراح ضحيتها مواطنون ابرياء»، مطالباً الاجهزة الامنية ب «عدم الاستسلام إلى الارهابيين واعادة النظر في اجراءاتها التي اثبتت عدم فعاليتها». وقال النجيفي في بيان، تسلمت «الحياة» نسخة منه: «ندين ونستنكر بأشد العبارات التفجيرات الاجرامية الآثمة التي استهدفت اهلنا في بغداد ومحافظات عدة والتي تأتي ضمن حملة الاستهدافات الاجرامية البشعة الرامية الى بث الفرقة وإثارة النعرة الطائفية بين ابناء الشعب الواحد». وطالب الاجهزة الامنية ب «عدم الاستسلام للارهابيين وضرورة اعادة النظر في اجراءاتها التي اثبتت عدم فعاليتها في الحد من الخروق المتكررة التي كبدت العراق خسائر جسيمة»، مشدداً على ضرورة «اتخاذ اجراءات اكثر فاعلية تبرهن للشعب من خلالها قدرتها على معالجة الامور وحماية المواطنين الابرياء». يذكر أن بغداد تشهد بين فترة وأخرى عمليات اغتيال بكواتم الصوت وبالتفجيرات والمفخخات والعبوات الناسفة، في حين تسعى الأجهزة الأمنية إلى فرض سيطرتها على العاصمة. ودعت النائب في كتلة «الفضيلة» سوزان السعد رئاسة الجمهورية الى «المصادقة على أحكام الإعدام لردع العناصر الإرهابية التي تسفك دماء الأبرياء في الشوارع والأسواق والاماكن العامة». وقالت السعد ل «الحياة» ان «عدم تنفيذ احكام الاعدام الصادرة بحق العناصر الإرهابية جراء تباطؤ رئاسة الجمهورية في المصادقة عليها كان سبباً رئيساً في تصاعد موجة العنف والإرهاب التي ما زالت تسفك دماء الأبرياء بشكل شبه يومي بتفجيرات متناسقة تستهدف الأماكن العامة والتجمعات». وأضافت ان «الجهد الأمني والاستخباري ما زال في أسوأ مستوياته وليس في مستوى التحديات الأمنية الخطيرة، وقد اتضح ذلك من خلال الفشل الذريع في التصدي للتفجيرات التي تركت قوافل من الأيتام والثكالى والمعاقين». وشددت على «ضرورة قيام القوات الأمنية وفق توزيعها الجغرافي بتفتيش وتمشيط مناطقها واستخدام الكلاب البوليسية، وتأمين بوابات ومداخل بغداد والمحافظات التي تشهد خروقات أمنية، مع استخدام أجهزة سونار حقيقية وبالونات مراقبة، واعتماد مراقبين امنيين موثوق بهم بالزي المدني للمساهمة في الإخبار عن التحركات المشبوهة». من جهة أخرى، طالب «الحزب الاسلامي» بوضع خطة عملية لوقف التدهور الأمني، وأعلن في بيان، تسلمت «الحياة» نسخة منه، ان «تطور الأوضاع على الساحة العراقية بحاجة إلى فعل يناسبها من حيث طبيعة التحديات وخطورتها»، مبيناً أن «الملف الأمني يعاني يومياً انتكاسات متواصلة من دون علاج». وأضاف إن «السيارات المفخخة والعبوات الناسفة ما زالت تفتك بالمواطنين الأبرياء في المساجد والأسواق والملاعب والمقاهي»، موضحاً أن «بيان اسباب الخلل والسعي إلى معالجته حاجة ملحة لا نجد من يقوم بها اليوم». وزاد إن «عبارات الاستنكار والادانة لم تعد مجدية في ظل نزيف الدم اليومي والشلل الذي يصيب الحياة، والانفلات الأمني غير المسبوق»، مطالباً بوضع «خريطة طريق عملية تضع حداً لاستهداف أهلنا وتعيد الأمان والاستقرار إلى بلدنا». في القاهرة، دانت الامانة العامة لجامعة الدول العربية التفجيرات «الارهابية» التي يشهدها العراق والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى وتزايدت وتيرتها خلال شهر رمضان. واستنكر الامين العام للجامعة نبيل العربي بشدة في بيان رسمي «هذه الهجمات الارهابية التي تتم بأياد نكراء لا تريد الخير للعراق والعراقيين، وإنما تهدف إلى بث نوازع الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب العراقي»، مُذكّراً الجميع «بحرمة اراقة دماء المواطنين الأبرياء وبوضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الطائفية والحزبية.» كما أعرب عن «انزعاجه الشديد من الأنباء التي تفيد بوجود عمليات تهجير طائفي في بعض القرى في محافظة ديالى جّراء تهديد بعض المجموعات المسلحة بعض العائلات وإجبارها على ترك منازلها». وأكد «ان مثل هذه الأعمال إنما تسعى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي للعراق وجرّه مُجدّداً إلى معترك الاقتتال الطائفي الذي استطاع إفشاله وإحباط المخططات الإرهابية الهدّامة». ودعا «القيادات السياسية والوطنية العراقية إلى وضع خلافاتها جانباً والتلاحم في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب»، مُحذّراً «من «ان تبادل الاتهامات وانتهاج اللغة التحريضية لن يساهم إلا في مزيد من الفرقة والانقسام وهو ما يدفع ثمنه المواطن العراقي».