شيع مئات من العلماء وطلاب العلم وجموع من المشيعين فجر أمس (الجمعة) الشيخ العلامة أحمد محمد مختار الشنقيطي إلى مثواه الأخير بمقبرة البقيع بالمدينةالمنورة، بعد أن فاضت روحه بمستشفى المدينة الوطني عن عمر يناهز ال 90 عاماً، وصلى عليه المشيعون صلاة الميت عقب صلاة الفجر بالمسجد النبوي الشريف. وسجل المسجد النبوي الآلاف من المصلين الذين توافدو لأداء صلاة الميت على الراحل، حيث عرف عن الشنقيطي حبه للعلم وتدريس القرآن والفقه، وله دروس فقهية بالمسجد النبوي الشريف والكثير من الطلاب، وكان -رحمه الله- ملازماً للمسجد النبوي الشريف طوال حياته التي قضاها بالمدينةالمنورة. ويعرف العلامة الشنقيطي أنه أحمد بن محمد الأمين بن أحمد بن المختار المحضريّ، ثم الإبراهيمي، ثم الجكني، سعودي الجنسية، ولد أول العقد الخامس من القرن الرابع عشر، وعاش بين أبويه إلى أن بلغ سن التعليم. كان والده حينذاك رئيساً للمحاكم الشرعية، ورئيساً لقبيلته، وكان الاستعمار الفرنسي يشدد وطأته على الرؤساء لأخذ أبنائهم للتعليم، فبسبب ذلك دفعه والده لتعليم اللغة الفرنسية، وذهب إلى محلة تدعى «أبا تلميت» حيث مقر الدراسة هناك، واستمر في تلك الدراسة حتى أكمل المرحلة الابتدائية، ثم توفي والده وبقي يتيماً، ولكن كانت له همة عالية حملته على النبوغ المبكر، ولما بلغ وأدرك أنه من أسرة ذات علم أقبل على التعليم وانقطع له، وفي سنة 1398 ه كُرّم بنقله إلى الحرم المكي للتدريس فيه، وعُيّنَ مدرساً بالمعهد في الحرم المكي، ومن أهم ما أسند إليه تدريس أصول الفقه، أصول التفسير، وألفية ابن مالك، حيث كان ممتلئاً علماً، له اليد الطولى في أنساب العرب، السيرة النبوية، الأدب والتاريخ، وقد تخصص بالفقه وأصولها، ولم يزل مدرساً إلى سنة 1408 ه حيث تقاعد. يذكر أن له مؤلفات عدة منها: «مواهب الجليل من أدلة خليل» في أربعة مجلدات، وله تحقيق وتكملة «عمود النسب» في أنساب العرب في ثلاثة مجلدات، وله: «اختصار زهر الأفنان على حديقة ابن الونان» في الأدب وثلاثتها مطبوعة، وله نظم يبلغ 800 بيت في البلاغة.