ودعت العاصمة المقدسة عصرأمس الأحد الموافق السادس من ربيع الأول الشيخ العالم محمد بن عثمان الكنوى مسؤول قسم المخطوطات فى المكتبة المركزية بجامعة أم القري وأحد المنصفين للمكتبة وأحد العلماء البارزين فى الفقه المالكي وذلك فى موكب مهيب بمشاركة عدد كبير من العلماء والمثقفين وأساتذة جامعة أم القري وأهالى وأعيان مكةالمكرمة بعدالصلاة عليه عصرأمس بالمسجدالحرام حيث وارى حثمانه الثري بمقابر المعلاة ،، و(التميز) إذ ألمها النبأ تتقدم بأحرالتعازي لأسرة الفقيد سائلين له الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلون(إنا لله وإنا إليه راجعون)ويتقبل العزاء بداره الكائنة بشارع أم القري قرب مسجدالربوعى ،،ويعتبر لشيخ الكنوى ممن نذرنفسه للعلم وطلبه ونشره منذ بداية حياته وكان يستقبل الطلاب من الشباب وكبارالسن فى منزله وعاش حياته عفيف اللسان زاهداً صبوراً السيرة الذاتية للشيخ محمد بن عثمان الكنوي : ولد بمكةالمكرمة في عام 1353ه في حي الطندباوي(حارة الفلاته ) ونشأ تحت رعاية والده وجده وله من الأولاد (12) ،(10) إناث و (2) ذكور أكبرهم (أحمد)، ودرس ابتداءً القرآن والهجاء في الحارة عند(الفقيهة) والدة الأستاذ عبد الحميد بكرمالي ، ثم أدخله جده المدرسة الصولتية ومكث بها (14) عاماً من القسم الإعدادي حتى نهاية القسم العالي فالقسم الإعدادي كانت مدة دراسته سنتين درس فيه القاعدة البغدادية ومبادئ الهجاء والحساب والإملاء وشيء من القرآن ثم درس في القسم التحضيري ومدته ثلاث سنوات وكان من يتخرج منه يكون قد أنهى القرآن الكريم كاملاً،ومنهج المدرسة الصولتية كان شبيهاً بمنهج مدارس الأزهر وقد علم الشيخ الكنوي ّ بذلك من بعض الذين سافروا إلى مصر في تلك الفترة بل كان من يحمل شهادة المدرسة الصولتية يستطيع أن يدخل ويقبل في أي كلية من كليات الشريعة أو أصول الدين بمصر. شيوخه الذين درس عليهم : أ _ في المسجد الحرام : بدأ دراسته على المشايخ في الحرم المكي الشريف وذلك في حدود عام 1369ه أو 1370ه ومن أبرزهم : 1. الشيخ حسن مشاط وهو من العلماء المتميزين بالمسجد الحرام فقد درس عنده كتاب رسالة ابن أبي زيد بحاشية بن أبي الحسن على شرح الشاذلي وهو من كتب الفقه المالكي وقرأ عنده متن ابن عاشر الذي مطلع أول منظومته : يقول عبد الواحد بن عاشر مبتدأ باسم الإله القادر الحمد لله الذي علمنا من العلوم ما به كلفنا وقرأ عنده أيضاً كتاب مختصر خليل وفي أصول الفقه درس عنده لب الأصول وقرأ عنده كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي وهو يقع في أربع مجلدات ودرس الكتب الستة ،وجمع الجوامع بشرح الشربيني . 2.الشيخ علوي بن عباس المالكي ودرس عنده الحديث والتفسير. 3. الشيخ أمين كتبي الذي يعتبر عالم اللغة العربية بنحوها وصرفها وبلاغتها فقد درس عنده الألفية بشرح ابن عقيل والجوهر المكنون في البلاغة وجامع الترمذي ونزهة المشتاق في شرح أبي إسحاق وهذا الكتاب من كتب أصول الفقه على مذهب الأحناف . 4.ودرس عند الشيخ محمد العربي التبّاني الحسني كتاب إتحاف ذوي النجابة بمعرفة ما في القرآن والسنة من الصحابة وكان يدرس هذا الكتاب ليلة الاثنين وليلة الجمعة وقد ذكر الشيخ العربي في هذا الكتاب نسبه . 5.ودرس عند الشيخ محمد نورسيف كتاب الترغيب والترهيب واللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان . 6. وقرأ عند الشيخ زكريا بيله الأصول. ب _ شيوخه في المسجد النبوي الذين كان يحضر حلقاتهم كلما زار المدينةالمنورة : 1.الشيخ ابن تركي . 2.الشيخ محمد أمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان. 3.الشيخ محمد المختار الجكني. 4.الشيخ عمر بن محمد فلاّته الواعظ بالروضة الشريفة رحمهم الله جميعاً. مراحل حياته : كان والده عثمان يعمل من أجل توفير لقمة العيش له ولأسرته حيث كانت الحياة صعبة جداً تلك الأيام ولم يبق بمكةالمكرمة آنذاك إلا الصابرون وكان والده من القراء وكان يحرص على قراءة القران الكريم وكان يعلم بعض زملاءه في الحي أمثال العم عبد المؤمن والعم إلياس وغيرهم وكانوا يقرؤن في كتاب " مختصر الأخضري " وهو من كتب الفقه المالكي ويشبه إلى حد كبير كتاب آداب المشي إلى الصلاة عند الحنابلة وفيه أحكام الصلاة فقط إلى باب أحكام سجود السهو،وجده علي كان من طلبة العلم أما جده الثاني إبراهيم فقد كان عالماً من علماء حي أحياء مدينة كنو يسمى"مداقو" ويعرف بحي العلماء وقد تأثر بالعديد من معلميه وشيوخه ومنهم الشيخ محمد بن علي ملاّوي وكان يدرسه في المدرسة الصولتية وكان الفقه يدرس بها على المذاهب الأربعة وكان الشيخ الملاّوي يدرسهم الفقه المالكي وكان يقسم الحصة إلى قسمين قسم للتدريس والشرح وقسم لحث الطلاب على طلب العلم شحذ هممهم ويحكي لهم أحياناً بعض القصص ليشجعهم على ذلك وذات مرة حكى لهم قصة واقعية حدثت له وتتلخص في أنه ترك الدراسة لظروف صعبة مرت عليه ثم عاد مرة أخرى لطلب العلم والدراسة وقدّر المعلمون ذلك واختبروه في غير وقت الامتحان وألحقوه بزملائه،وتأثر الشيخ محمد الكنويّ كذلك بالشيخ حسن المشاط الذي يعتبر علماً من الأعلام وتأثر بالشيخ علي بن بكر الكنوي،ومن زملاءه في تلك الفترة الشيخ محمد حسن الفلاني والشيخ أحمد بلو والأستاذ بكر سنتلي والأستاذ سليمان قشاشية والأستاذ عبد الله بن محمد فلاّته والأستاذ عثمان بن موسى ملاّوي والأستاذ الدكتور أحمد بن خالد البدلي وكان يدرس آنذاك بالمعهد العلمي السعودي والأستاذ هاشم بن علي جنبي والدكتورعبد الوهاب أبو سليمان وكانوا يلتقون جميعاً مساءً في حلقة درس الشيخ حسن المشاط بالمسجد الحرام .وكان يتميز الشيخ الكنوى بالخط الجميل فى الكتابة وقدبدأ عمله بالمكتبة المركزية لجامعة أم القرى في عام 1391هجرية مسئولاً عن قسم المخطوطات واستمر فيه حتى تقاعد في عام 1412هجرية. للشيخ الكنويّ درس رمضاني بمسجد الربوعي يعقد بعد صلاة العصر بدأ في عام 1391هجرية يقرأ فيه من كتاب "إسعاف أهل الإيمان في وظائف شهر رمضان" لشيخه حسن مشاط رحمه الله واستمر الدرس حتى عام 1425هجرية وتوقف في عام 1426هجرية،أما في منزله فيعقد حلقة علمية يحضرها بعض طلبة العلم يقرؤن فيها الموطأ للإمام مالك والتحفة السنية والرسالة وغيرها من كتب المذهب المالكي. (رحم الله العالم الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته)