يرافق فريق برنامج «عمة في المغرب»، الذي تعرضه القناة الهولندية الرسمية الثانية، مجموعة من الهولنديين من الاصول المغربية، في رحلتهم السنوية البرية الطويلة، الى المغرب، حيث يقضون اجازتهم الصيفية هناك. تبدأ الرحلة مع بداية التسجيل، وما يرافق ذلك من تحضيرات بعضهم للسفر، من مدنهم الهولندية، السيارات التي «تثقل» بالهدايا الى الأهل، الاشياء الطريفة التي يأخذها المهاجرون الى بلد اجدادهم. يتابع البرنامج بعدها، الرحلة البرية لهؤلاء المهاجرين، والتي تقطع بلدان اوروبية عديدة، قبل ان تصل الى الميناء البحري في الجنوب الاسباني، حيث تنقل السفن العملاقة سياراتهم، الى قارة افريقيا التي تقع على الطرف الآخر من البحر، في رحلة باتجاه معاكس، لتلك التي قطعها الجيل الاول من المهاجرين المغاربة، والذين انتقلوا الى اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، للعمل في بناء القارة التي دمرتها الحرب. وحتى في الرحلة البحرية القصيرة الى طنجة والتي لا تزيد عن ساعة واحدة، ينجز مقدم البرنامج، الهولندي ومساعدتاه الشابتان وهم من اصول مغربية، مجموعة من اللقاءات مع المغاربة، الذين يبدو عليهم الفرح، بسبب قرب انقضاء الرحلة، وقربهم من البلد، والذي لا يزال حاضراً بقوة في حياتهم، على رغم ان بعضهم ولد وتربى في البلدان الاوروبية. ويتبع الموسم الرابع من البرنامج وللمرة الأولى، المغاربة الهولنديين، الى الاماكن التي يقيمون فيها وقت عطلاتهم، في مدن اقاربهم، او فنادق عادية للذين لم يعودوا يملكون اي اقارب في المغرب، ويبدأ حوارات مع المهاجرين تأخذ الكثير من وقت البرنامج. فاللقاءات التي تبدأ عادية، تتحول سريعاً، الى حوارات جدية عن العلاقة بين البلد الاصلي وهولندا، وكيف تبدو هذه العلاقة الآن؟ وكيف ينظر المغاربة الى حياتهم في هولندا ؟ والى صعود نفوذ الاحزاب اليمينية التي يتخصص بعضها «بمحاربة» الوجود المغربي في هولندا. كذلك يتم الحديث دائماً عن الدين وتفسيراته التي تتعلق بحياتهم هناك، والحياة في اوروبا بعد الحادي عشر من ايلول (سبتمبر). واذا كان العديد من الهولنديين من الاصول المغربية، يشكون من أداء الإعلام الهولندي، متهمة إياه بنقل الصور السلبية فقط عن الجيل الثاني والثالث من المهاجريين المغاربة، فبرنامج «عمة في المغرب»، ينجو من هذا النقد، ويحظى بإعجاب الكثيرين من ابناء الجالية المغربية الكبيرة، وهو الامر الذي يبدو واضحاً من اللقاءات العميقة مع البعض في البرنامج، فالمغاربة الذين يظهرون في حلقات البرنامج، هم متنوِّعون الى حد كبير، لا يملكون وجهاً واحداً، كما يبدون، عندما تمر اخبارهم القصيرة على التلفزيونات، عندما يتم الحديث مثلاً عن تزايد نسبة الجريمة بين الشباب الهولندي من اصل مغربي، او مشاكل النقاب والحجاب، والحصول على عمل بين النساء من الاصول المغربية. وتكشف هذه اللقاءات التلفزيونية عن صورة مطمئنة كثيراً للشباب المغربي، ولا تُظهر الانقسام المؤلم بين هويتين هو انقسام يخشاه البعض، فالفتاة السمراء الجميلة التي كانت تجلس على الساحل تحدثت مطولاً في الحلقة الاخيرة من البرنامج، تدرس القانون في احدى الجامعات العريقة في هولندا، وهي لا تريد ان تتخلى عن احلامها بوظيفة جيدة من اجل عريس مغربي غني، والشابان اللذان يبدوان كلاعبي كرة قدم، يدرسان في الجامعة الهولندية، ليصبحا موظفيين اجتماعيين لمساعدة الآخريين، وهناك قصة الرجل المغربي الذي يعيش منذ 40 عاماً في هولندا، ويزور المغرب للمرة الثالثة في حياته، لزيارة قبر والده فقط، فهو يشعر ان بيته الحقيقي في القرية الصغيرة التي يعيش فيها في هولندا، فيما يعترف احد الشبان، بأنه يستطيع التفاهم بحرية فقط، مع شباب هولنديين من اصول مغربية، ويعجز عن اقامة صداقات مع مغاربة لم يتركوا بلدهم، فيما يؤكد احد الذين تحدثوا في البرنامج، انه يحس بهولنديته بشدة، في وقت اجازته في المغرب فقط!