أبدت الحكومة الجزائرية استياء بالغاً من تشبيهات «غير صحيحة» بين ما يجري في الساحة السياسية المصرية وبين تجربة العنف التي عصفت بالجزائر مطلع التسعينات إثر وقف المسار الانتخابي وإلغاء نتائج التشريعيات التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة. وسارعت وزارة الخارجية الجزائرية إلى استدعاء السفير المصري بخصوص تصريحات نُسبت إليه وجاءت في سياق تحميل الحكومة مسؤولية العنف. وتنزعج الحكومة الجزائرية في ما يبدو من تحليلات وتقارير تقدّم مقارنات بين التجربة المصرية الحالية إثر عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي، وبين إلغاء المسار الانتخابي في الجزائر مطلع العام 1992. وترفض الحكومة تماماً أن يصنّف قرار الجيش آنذاك ب «الانقلاب». وعُلم أن الخارجية الجزائرية وجّهت استدعاء إلى السفير المصري في الجزائر عزالدين فهمي بسبب تصريحات نُسبت إليه وقال فيها إن «المصريين أناس مسالمون ولا يمكن أن ينساقوا وراء العنف»، في رده على أسئلة حول احتمال أن تشهد مصر «سيناريو جزائرياً». لكن السفير المصري فنّد بشكل قاطع أن يكون قد أدلى بتصريحات تصبّ في هذا السياق، وقال إنه رد على سؤال بشأن المخاوف من تكرار الحالة الجزائرية في مصر مشيراً إلى «إن لكل بلد ظروف وطبيعته وليس من الضروري تكرار تجربة بلد في بلد آخر، ولكن المهم التعلم من أخطاء بعض التجارب وعدم الإقصاء، وهذا ما هو حادث، بدليل دعوة رئيس الحكومة الجديد الدكتور حازم الببلاوي لأحزاب التيار الديني من النور والإخوان للمشاركة في الحكومة الانتقالية الجديدة». وقال عز الدين فهمي في المؤتمر الإعلامي الذي استُدعي بسببه إلى الخارجية الجزائرية، إن ما قامت به قيادة الجيش لم يكن انقلاباً عسكرياً على الشرعية وإنما استجابة لمطلب الشعب المصري لتصحيح مسار الثورة. وقال السفير المصري إنه «كان بالإمكان التغاضي عن سوء التسيير لو أن مصر كانت تعيش نوعاً من الاستقرار السياسي والاقتصادي» غير أن «الأزمة الخانقة التي أصبحت فيها مصر حالت دون الاستمرار على نفس السياسة، بخاصة أن الأمر تجاوز يوميات المواطن فقد شاهدنا كيف أن قرارات الرئيس السابق (مرسي) باتت تشكّل تهديداً للأمن القومي في مصر وفي المنطقة». وتابع أنه يكفي أن «نذكّر بطريقة التعامل السطحية مع ملف سد النهضة في أثيوبيا، وأزمة الجنود المختطفين في سيناء، لدرجة أننا للمرة الأولى بتنا نسمع أحاديث عن مطالب أقاليم مصرية بالانفصال». وتصرّف الخارجية الجزائرية مع السفير المصري يعكس حالة انزعاج قصوى من التشبيهات التي يقدمها عادة إسلاميون متعاطفون مع «الإخوان» في مصر وتعتبر أن الجيش المصري «يكرر انقلاب الجيش الجزائري على الشرعية». واعتبرت الجزائر، أمس، أن ما يحدث في مصر شأن داخلي، وأن مواقف الأحزاب السياسية لا تعبّر عن مواقف الجزائر الرسمية. وأوضح الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني، في تصريح مكتوب إلى إذاعة «موزاييك. اف. ام» التونسية، أن الوزارة ليس من صلاحيتها الرد على ذلك معتبرة إن كل حزب سياسي يقدم آراء ومواقف خاصة بالأحداث الدولية بناء على توجهاته وقناعاته السياسية.