200 سلة غذائية لاغاثة أهالي بلدة صحنايا بريف دمشق    اللواء الفرج يتفقد خطط الدفاع المدني في العاصمة المقدسة لشهر رمضان 1446ه    اتحاد الغرف أطلق "تواصل".. تعزيز التجارة والاستثمار بين دول التعاون    في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية.. الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    وفد إسرائيل في الدوحة.. وويتكوف يصل غدًا.. «هدنة غزة».. جولة مفاوضات جديدة وتعقيدات مستمرة    اليمن.. إتلاف ألغام حوثية في مأرب    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    في إياب دور ال 16 لدوري أبطال آسيا للنخبة.. النصر يتطلع للتأهل من بوابة الاستقلال    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    يوم العلم السعودي.. رمز الفخر والهوية الوطنية    أعلى نمو ربعي خلال عامين..الإحصاء: 4.5 % ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي    مواقف ذوي الإعاقة    العبيدان مديراً لخدمات الطب الشرعي    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    تجديد مسجد «فيضة أثقب» على الطراز المعماري التراثي    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    تلاعبوا بعواطف جماهير الأندية وأغراهم التفاعل الكبير.. مفسرو أحلام" بميول رياضية" يبحثون عن" الشو الإعلامي" فقط    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية توثق تاريخ المدينة    ولي العهد يتلقى رسالة من رئيس إريتريا    مهرجان «شتاء درب زبيدة»    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    خيام الندم    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    فيجا يربك حسابات الأهلي    السالم يبتعد بصدارة المحليين    تمبكتي يعود أمام باختاكور    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    مبالغ النفقة والأخطاء الطبية مستثناة من الحجز البنكي    ارتفاع أعداد الحاويات الصادرة بنسبة 18.25% خلال فبراير 2025    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    11 مليار ريال لفرص استثمارية بالأحساء    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    الكشافة في المسجد النبوي أيادٍ بيضاء في خدمة الزوار    بلدية محافظة الشماسية تعالج تجمعات المياه بعد الحالة الجوية الماطرة    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    سلام دائم    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    فرض الضغوط وتعزيز الدعم إستراتيجية بورتمان لسلام أوكرانيا    3 مرتكزات تعزز الوعي الصحي بجازان    ترامب يثير الجدل: أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا    هدم 632 منزلاً في طولكرم    الإفطار الرمضاني بالعُلا تجربة تنبض بعبق التاريخ والتراث الأصيل    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثالوث «سيناء وشل العاصمة والناس بتوع ربنا» حصيلة عام من حكم مرسي
نشر في الحياة يوم 16 - 07 - 2013

نزل من المترو متكدراً مهموماً، فهو الذي كان بالأمس القريب يعامل معاملة العالم الجليل والشيخ العظيم، يتنازل له الشباب عن مقاعدهم، ويفسح له الرجال الطريق، وتنظر إليه النساء نظرة الإجلال والتقدير، وأينما ذهب تصحبه عبارة «ادع لنا يا شيخ» مكللة بنظرات المحبة ومعبأة بمشاعر المودة. وها هو اليوم يعامل معاملة النصاب الخطير والعميل الرهيب، يرمقه الشباب بنظرات عداء وتكدير، ويتجاهله الرجال في الطريق، وتنظر إليه النساء نظرة اللوم والعتاب، وأينما ذهب تصحبه عبارة «روح يا شيخ! خربتوا البلد».
لم يدر بخلد حسين (52 سنة) الملتحي منذ ما يقرب من 20 عاماً أن تكون لحيته التي كانت سبب سعده وهناه وتكريمه وتبجيله واحترامه وإعزازه طيلة تلك السنوات مصدراً لشقائه وتعاسته ونظرات المارة والركاب إليه المتراوحة بين عتاب رقيق على غرار «ماكانش (لم يكن هذا) العشم» وغضب عميق من نوعية «خربتوها وقعدتم على تلها».
حسين لا هو «إخواني» ولا «سلفي»، بل هو مواطن مصري قرر أن يطلق لحيته من دون شرطية الارتباط بجماعة «نحمل الخير لمصر» وقبل ولادة حزب «بناء تنمية شريعة إسلامية» أو بزوغ نجم جماعة تكفير الجميع أو تحول مجموعة الجهاد ضد الكل إلى حليفة الحكم. الفرق بين أمس واليوم في حياة حسين هو عام من حكم الدكتور محمد مرسي.
هذا العام أدى إلى «انقلاب شعبي» عليه وعلى جماعته وحلفائها من تيارات الإسلام السياسي التي نقلتها نسبة كبيرة من المصريين من خانة «ضحايا النظام السابق» إلى «محترفي فتنة ومقتنصي فرص»، وتم تصعيدها شعبياً من منزلة «ناس بتوع ربنا» إلى «تجار دين ومروجي ضلالات باسم الإسلام».
ويكفي أن هتافات أنصار ميدان «الشرعية والشريعة» المسمى ب «رابعة العدوية» كلما تنامت إلى سكان المناطق المحيطة إيذاناً ببدء زحف مقدس هنا أو مشي مبارك هناك أو مسيرة طاهرة بين هنا وهناك، سارع الجميع إلى إغلاق بوابات العمارات السكنية وإزاحة السيارات من الطريق، بل أن بعضهم يخفي علم مصر الذي يرفعه على سيارته أو شرفة بيته أو واجهة محله منذ بات العلم الوطني دليلاً دامغاً على تهمة الانتماء إلى مصر التي هي فوق كل جماعة، وليس العكس.
وعلى عكس ما كان يحدث إبان مسيرات «انزل» الرافعة شعار «ارحل» والمعتنقة مذهب «تمرد» حيث كان السكان يبادرون إلى الهرولة إلى النوافذ والتلويح من الشرفات والوقوف عند البوابات والانضمام إلى المتظاهرين في ترديد كلمة مصر على وقع الطبول، فإن مسيرات «رابعة العدوية» إلى «الحرس الجمهوري» أو «الاتحادية» أو «صلاح سالم» باتت تعني الهرولة إلى النوافذ لإغلاقها، والشرفات لنزع أعلامها والبوابات لقفلها والابتعاد عن المتظاهرين الذين باتوا لا يرددون إلا العبارات الانتقامية الاستنكارية الداعية إلى الجهاد والمبشرة بالاستشهاد والمنددة بكل من ناصبهم العداء.
وبعيداً من هتافات التهديد والوعيد ل «الانقلابيين»، والتنديد والتحقير ل «العلمانيين»، والإنذار والإشعار بأن «الإسلام قادم»، والتوكيد والتعضيد بأنها «إسلامية إسلامية»، والإشارة إلى أن «سيسي ياسيسي مرسي هو رئيسي»، تاهت المليونيات وسط زحمة «الشرعية والشريعة».
ففي اليوم الواحد يتم إعلان مليونية «الصمود» ومليونية «الإنذار الأخير» ومليونية «الزحف» ومليونية «التصدي» ومليونية «لا للانقلاب» ومليونية «بعد العصر مرسي هيكون في القصر» وغيرها من المليونيات التي تدعو الشعب الانقلابي إلى التفكه بضرورة ضم هذه المليونيات في «تريليونية» أو «ديشيليونية» واحدة حقناً للطاقات المهدرة.
إلا أن طاقات «الشرعية والشريعة» لا تهدر، بل تؤتي ثمارها وتحقق أغراضها، ما يدعو أعضاءها إلى الابتهال لله حمداً والسجود له شكراً، فإضافة إلى الغايات المعلنة من إعادة الشرعية وحماية الشريعة، هناك غايات غير معلنة يسهل تحقيقها، إنها خطة شل العاصمة من أجل «الشرعية والشريعة».
ويبدو أن العقول المدبرة والأمخاخ المفكرة توصلت إلى أن ضرب المواطنين في مقتل مروري وحبس المصريين على طريق صلاح سالم وتطويقهم أعلى «كوبري أكتوبر» وإبهارهم بنوم «الأخوة» في عرض طريق المطار سيؤدي إلى تغيير وجهة نظرهم في أداء مرسي وجماعته وحلفائهما على مدار عام مضى ولم ينته بعد.
حوارات المصريين في الشارع أمس لم تخرج عن ثالوث مترابط الأركان: سيناء وخطة شل العاصمة والناس بتوع ربنا. فعلى رغم النفي والإنكار من قبل رموز الجماعة وحلفائها، لا يذكر المصريون في الشارع ما يجري في سيناء من إرهاب وقتل وتفجير إلا مرتبطاً بسيل من اللعنات ونهر من الدعوات على «الجماعة». ولا تتفجر دائرة حوار في باص عام أو «ميكروباص» شبه عام أو «توك توك» خاص إلا وتسخر من خطط جهابذة الجماعة في إقناع المصريين بتجرع مرسي ثلاث سنوات أخرى، ربما تزيد عليها أربع إضافية لزوم تحقيق رؤية الحمامات الثماني الخضر لأحد مشايخ «الشرعية والشريعة» دالاً على فترتين رئاسيتين لأول رئيس مدني منتخب جاءت به الصناديق. ولا يفوت على المتحاورين الضحك والتندر على ما يتداول في «رابعة» من أن الأيام التي تم عزل مرسي فيها هي بمثابة وقت مستقطع سيضاف في نهاية المباراة الرئاسية الأولى.
ويظل خير الكلام ما قل ودل. بائع الجرائد الذي تعدى عمره الستين سنة قالها صريحة وهو يطالع خبر تفجير العمال في باص في سيناء «الحساب ثقل جداً. نسامح في قفل شوارع، نتغاضى عن قطع طرق، نعمل أنفسنا عمي أمام الكذب والتدليس والنفاق، نسكت على الظلم، نرى التجارة بالدين واللحية والنقاب ولا نعترض حرجاً، لكن الدم المصري حرام. الميزة الوحيدة إن المصريين فهموا وفضحوا تجار الدين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.