أعوام عدة كان الهروب يعدّ المشكلة الأبرز لدى العاملات المنزلية في السعودية، وذلك لأسباب عدة ومختلفة، إلا أن ثمة حالاً جديدة باتت تظهر على السطح وتزداد فترة بعد أخرى، فقتل الأطفال الذي يتم إبقاؤهم كأمانة لدى أولئك العاملات، شكّل نهجاً سار عليه عدد منهن، كان آخرهن ما قامت به العاملة الإثيوبية الخميس الماضي، سبقتها ب17 يوماً عاملة أخرى من الجنسية ذاتها، اعترفت كل منهما بجريمتيهما. في أقل من شهر تقع جريمتي قتل إحداهما في حوطة بني تميم والأخرى في الرياض، راحت ضحيتهما طفلتين في السادسة والثامنة من العمر، لم تكن تلك الحادثتين في مقدّمة ترتيب جرائم العاملات المنزليات بمختلف جنسياتهن، وإنما شهدت عدد من مدن المملكة حالات عدة، دفعت إلى المطالبة بوضع حدٍ لتلك الحوادث وما يشابهها. ارتفاع معدل الحوادث التي تصدر عن العاملات المنزليات ظهر واضحاً بعد تزايد استقدام العاملات الأفريقيات، خصوصاً من الجنسية الإثيوبية، فبعد أن أوقفت وزارة العمل استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا والفيليبين في حزيران (يونيو) 2011، أضحت الأسر السعودية تواجه أزمة في إيجاد البديل المناسب، فعلى رغم أن الوضع العام مع العاملات الآسيويات لم يكن جيداً كما ترى رئيسة قسم الحماية الاجتماعية في منطقة الرياض الدكتورة موضي الزهراني، إلا أن هناك تكيفاً مع ثقافتهن واعتياداً عليها، فيما يكون من الصعب الاعتياد على الجنسيات الأفريقية التي لم يكن لهن حضور بارز لدى الأسر السعودية قبل عامين من الآن. وتجد ضوابط وشروط الاستقدام في المملكة شيئاً من الرفض على مستوى فئات عدة، فهناك من يجد أنها ليست كتلك الشروط المتعارف عليها عالمياً، والتي تسهم في ضمان سلامة العاملات المنزليات اللاتي يتم استقدامهن من السلوكيات الخاطئة. وتطالب عضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى الدكتورة نورة العدوان، بضرورة مسارعة الجهات المعنية بسنّ مجموعة من الإجراءات التي تسهم في معالجة تكرار وقوع جرائم القتل والعنف من العمالة المنزلية، في حين تشدّد على أهمية إيجاد الحاضنات في أماكن عمل الأمهات، سواء كانت مدارس أو غيرها. وتقول في حديثها إلى «الحياة»: «إن وقوع جرائم قتل وعنف من العمالة المنزلية الوافدة أمر خطير وينبغي للجهات المعنية التنبّه إليه، والعمل على وضع الإجراءات العاجلة التي تضمن سلامة هذه العمالة من الانحرافات السلوكية والأمراض النفسية، وذلك باشتراط الفحص عليهن نفسياً وسلوكياً قبل إجازتهن للعمل وفتح باب استقدامهن، كما ينبغي التحقق من أن الوافدين عموماً لا توجد لديهم مخالفات أمنية أو سوابق في دولهم، إضافة إلى أهمية التدريب على الأعمال التي سيمارسونها، وأن يتحقق عامل السن المناسب، فلا تكون أصغر من ال25، ولا أكبر من ال40 عاماً، فمثل ذلك من شأنه أن يسهم في التقليل من معدّل الجرائم التي أصبحت تشهد تزايداً مخيفاً». وتؤكد العدوان أن تلك الشروط ليست جديدة، وإنما متعارف عليها في دول عدة، مشيرةً إلى أن تلك الدول تفرض هذه الشروط على مكاتب الاستقدام، فيما توضّح أن الكثير من الدراسات تشير إلى أن من أهم الضغوط النفسية على المرأة العاملة ترك طفلها مع العاملة المنزلية، وتضيف: «يجدر بالأمهات أخذ الحيطة والحذر في حال ظهر من العاملة انفعالات أو رفض للعمل الموكل لها، وكذلك تجنّب ترك الأطفال بمفردهم معها، وهنا تبرز ضرورة فتح حضانات للأطفال في مكان العمل، لكي تتمتع الأم بالاستقرار النفسي». وحول دور الأسرة في تعاملها في العاملة، تقول: «الأسرة مُطالبة بالمعاملة العادلة للعاملة وعدم إرهاقها، ومراعاة بُعدها عن أسرتها، حتى لا تحدث ردود أفعال سلبية منها قد يذهب ضحيتها الأبناء».