تحاول الحكومة السعودية منذ عام 1344 ه جاهدة، بكل ما أوتيت من طاقة محو مسمى «أم زحم» من قاموس مسميات مكةالمكرمة، وذلك بإجراء توسعات ضخمة وهائلة للمسجد الحرام، ليستوعب أكبر عدد من المصلين والمعتمرين في كل عام، تيسيراً لهم لإتمام أداء مناسكهم بيسر وسهولة، لتحولها من «وادٍ غير ذي زرعٍ» إلى مكان يجد به المعتمر والحاج وزائر بيت الله الحرام كل راحة وطمأنينة، وسهولة ويسر أثناء أداء شعائره. «أم زحم» و«بكة» مسميات عدة ارتبطت ب« مكةالمكرمة» والتي كثيراً ما تكون دلالة على كثرة الازدحام في «الأرض المقدسة» منذ فجر التاريخ، ف«أم زحم» الاسم المنسوب إلى كثرة المزدحمين بها، ذكره الأندلسي محمد الرشاطي في كتاب الأنساب عن مكةالمكرمة، ومسمى «بكة» المرادف ل«مكة» والمشتق من ال«بك» وهو دفع الناس بعضهم البعض لكثرة الازدحام. وحظيت «الحاطمة» باهتمام فريد منذ فجر الإسلام، بنحو11 توسعة لمسجدها الحرام، كان نصيب الدولة السعودية منها أربع توسعات، آخرها التوسعة المباركة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي أمر بها في أواخر آب (أغسطس) عام 2011، لتكون الكبرى في تاريخ المسجد الحرام عبر العصور. توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ستكون على ثلاثة محاور رئيسة لتوسعة الحرم المكي التي ستشمل توسعة صحن المطاف، بزيادة الطاقة الاستيعابية له لتبلغ نحو 150 ألف طائف في الساعة الواحدة، وذلك بهدم التوسعة العثمانية من جهاتها الثلاث وقوفاً عند المسعى، ورفع طوابق الحرم إلى ستة طوابق. المحور الثاني لتوسعة خادم الحرمين الشريفين ارتكز على توسعة الساحات الخارجية والبنية التحتية الخاصة بها، من دورات مياه وممرات وأنفاق، روعي فيها الاهتمام الواسع لانسيابية حركة دخول وخروج المصلين والمعتمرين من وإلى الحرم، وفي المحور الثالث الذي بلغت مساحته قرابة ال750 ألف متر مربع لاحتواء محطات التكييف والكهرباء والماء. ولم تقتصر التوسعة السعودية الأضخم على المحاور الثلاثة فحسب، بل اشتملت على مقترحات ببناء 63 برجاً فندقياً في أواخر ساحات الحرم المزمع إقامتها ضمن التوسعة والتي تبدأ من باب المروة امتداداً إلى حارة الباب، وحتى طلعة «الحفائر» المحاذية لباب الملك فهد بالحرم المكي. وينتظر الكثير من المسلمين حول العالم بفارغ الصبر الانتهاء من توسعة الحرم المكي الشريف، التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مطلع الأسبوع الجاري، بافتتاح الدور الأول، والأول «ميزانين» من التوسعة الأخيرة للحرم المكي، إضافة إلى الساحات الخارجية الشمالية، والجنوبية والغربية التي تستوعب نحو400 ألف، إضافة إلى تجهيز دورات مياه ومواضئ جديدة ضمن مشروع التوسعة التي تخدم المسجد الحرام والساحات المحيطة به، لتبدأ معالم التوسعة الأضخم بالظهور واقعاً لزوار البيت العتيق.