في ظل مخاوف متفاقمة من إقدام جماعة الحوثيين في اليمن على خطوات من شأنها إطاحة الرئيس عبدربه منصور هادي وفرض واقع سياسي جديد، شن تنظيم «القاعدة» والقبائل المناصرة له في محيط مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء (جنوبصنعاء) أمس هجوماً مضاداً على الجماعة، بعد ساعات على اقتحامها معقله الرئيس في منطقة «المناسح». وفيما جدّد التنظيم تلويحه ب «نهش أكباد الحوثيين» ونقل المعركة معهم إلى «كل مدينة وشارع وبيت وغرفة»، تراكمت نُذُر انفصال الجنوب عن الشمال، إذ عقد النواب الجنوبيون أمس اجتماعهم في عدن (كبرى مدن الجنوب) في موازاة الاجتماع الرسمي المنعقد في صنعاء، وأعلنوا تأييدهم مطالب المحتجين المعتصمين الداعين إلى انفصال جنوب اليمن. وجاءت هذه التطورات في ظل طريق مسدود بلغة تشكيل الحكومة المرتقبة، إثر اعتراض أحزاب «اللقاء المشترك» على صيغة توزيع الحقائب، وغداة خروج الرئيس عبدربه منصور هادي عن صمته إزاء تمدد الحوثيين في المحافظات اليمنية ودعوته لانسحابهم فوراً منها ومن صنعاء، مشيراً ضمناً إلى تخلي المؤسسة العسكرية عنه. ميدانياً، قالت مصادر قبلية ل «الحياة» إن مواجهات عنيفة اندلعت فجر أمس بين مسلحي تنظيم «القاعدة» يدعمهم رجال القبائل المناصرون له وبين الحوثيين في محيط مدينة رداع، في سياق محاولة التنظيم استعادة معقله في منطقة المناسح التي اقتحمتها الجماعة الأحد، بعد معارك دامت أكثر من عشرة أيام، وواكبها قصف جوي للطيران اليمني وطائرات أميركية من دون طيار طاول مواقع التنظيم. وأضافت المصادر أن مسلحي التنظيم فجروا سيارة مفخخة في تجمعٍ للحوثيين في أحد الحصون التي سيطروا عليها في المناسح، ما أدى إلى سقوط 30 قتيلاً بينهم قيادي قبلي ينتمي إلى المنطقة، التحق بجماعة الحوثيين مع عدد من أنصاره ويدعى ماجد الذهب، وهو أحد أقارب زعيم التنظيم في البيضاء، نبيل الذهب. وتابعت المصادر أن «المواجهات شملت (أمس) مناطق خبزة والمناسح وسائلة الجراح ومحيط جبل الثعالب وسلسلة جبال «اسبيل» المطلة على المناسح، حيث يحاول التنظيم استعادة تلك المناطق من قبضة الحوثيين الذين انضم إلى جماعتهم مقاتلون من أبناء قبائل «قيفة»، يرفضون وجود «القاعدة» في مناطقهم وعلى رأسهم الزعيم القبلي أحمد سيف الذهب». وتوعّد زعيم التنظيم نبيل الذهب «الحوثيين ب «نهش أكبادهم»، مشيراً إلى أن انسحاب مسلحي «القاعدة» من «المناسح» كان تكتيكياً. وفي حين تحدث ناشطون مناهضون للحوثيين عن إسقاط التنظيم طائرة من دون طيار، هدد الذهب بنقل المعركة إلى كل مدينة ومنطقة وبيت قائلاً: «نعاهد الله أن ننهش أكبادهم بأظفارنا وأن نجعل الأرض ناراً تشتعل عليهم وحمماً من البراكين الملتهبة». ودعا البرلمان اليمني الذي عاود عقد جلساته إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، وتولّي الأجهزة الأمنية والعسكرية مسؤولياتها في مواجهة «الأعمال الإرهابية واتساع المظاهر المسلحة». وأكد مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر في بيان أنه كثّف مشاوراته مع قادة الأطراف السياسية والتقى السفيرين الأميركي والسعودي، مشدداً على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة كخطوة مهمة للدفع بالعملية السياسية إلى أمام». في غضون ذلك، عقد النواب المتحدّرون من الجنوب أمس اجتماعاً في عدن برئاسة نائب رئيس البرلمان محمد علي الشدادي، القريب من الرئيس هادي بالتزامن مع عودة جلسات البرلمان للانعقاد في صنعاء. وقال نواب حضروا اللقاء ل «الحياة» إن «المجتمعين أكدوا تأييدهم احتجاجات المعتصمين في ساحة العروض في عدن، ومطالبتهم بالانفصال عن الشمال، كما تعهدوا نقل صوتهم إلى الدوائر الدولية»، وهو ما اعتُبِر تلويحاً صريحاً ب «ورقة الانفصال عن الشمال»، في سياق الرد على تمدّد جماعة الحوثيين. وإلى جانب اتهام هادي الصريح للحوثيين بإضعاف الدولة واحتلال المدن واقتحام المؤسسات، كان لافتاً في خطابه أثناء ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني أول من أمس، عتبه الشديد على المؤسسة العسكرية والأمنية واتهامها ضمناً بعدم إطاعة أوامره و «التنصل من المسؤولية الوطنية والأخلاقية». وهو اعتبَر أن «ما حدث الشهر الماضي وما يجري اليوم لا يليق بمؤسسة عريقة كافح الشعب اليمني لتكون قوية وشامخة وتنحاز إلى الوطن فقط».