على رغم تحذيرات بعض الدول العربية والأجنبية رعاياها من السفر إلى تركيا بعد تظاهرات ميدان «تقسيم» في اسطنبول والتي خشي بعضهم من تحوّلها إلى «ربيع تركي»، امتلأت المدينة وفنادقها وأسواقها بالسياح العرب والأجانب، بعد قرار محكمة في اسطنبول قضى بإلغاء مشروع إعادة ترتيب ساحة تقسيم التي كانت شرارة الاضطرابات. واعتبرت مجموعة «تضامن تقسيم» التي تمثل المتظاهرين، أن القرار هو انتصار. وحرص محافظ مدينة اسطنبول حسين موتلو والمسؤولون في «الخطوط الجوية التركية»، على دعوة صحافيين من دول الخليج العربي لزيارة المدينة بخاصة ساحة «تقسيم» التي اختفت فيها مظاهر الاحتجاج، لتعجّ مجدداً كعادتها بالسياح، ما شجع المحافظ على توقع أن تستقطب تركيا أكثر من 32 مليون سائح هذه السنة، بعدما حقق القطاع معدلات نمو خلال النصف الأول من السنة بلغت 25 في المئة زيادة على الفترة ذاتها من العام الماضي. وأكد موتلو في حديث الى «الحياة» أن تركيا «تحرص على القطاع السياحي الذي يدر عليها سنوياً أكثر من 25 بليون دولار، وعلى استقطاب السياح العرب»، الذين باتت تركيا إحدى الوجهات المفضلة لديهم، لا سيما بعد «الربيع العربي»، ودخول المسلسلات التركية إلى معظم بيوت المنطقة. وأشار إلى أن تركيا تخطط لتشييد اكبر مطار في العالم يفوق سعة مطاري هيثرو وفرانكفورت، ويستوعب 150 مليون مسافر سنوياً بكلفة 22 بليون يورو، ولإنشاء قناة تربط بحر مرمره بالبحر الأحمر، وبناء جسر يربط قارتي آسيا وأوروبا. ولفت إلى أن الإعلام ضخّم ما يحدث في تركيا، وهو لا يعدو كونه تظاهرات نظمها أنصار البيئة بسبب اقتلاع عشر شجرات من حديقة «تقسيم». لكن، على رغم التضخيم الإعلامي، فهو لم ينعكس على القطاع السياحي سوى لفترة لم تتعد الشهر الماضي، الذي تباطأ خلاله تدفق السياح بمعدل 25 في المئة. وأُلغيت خلاله رحلة طيران واحدة فقط، لكن عاد تدفق السياح حالياً إلى طبيعته، بعدما خفّت حدة التظاهرات التي انتشرت في بعض المدن التركية وفي ساحة «تقسيم». وأوضح أن «اضطرابات ساحة تقسيم، لم تهزّ أسواق المال أو البورصة، ولم تؤثر في الحياة اليومية أو بقية القطاعات مثل النفط والماء والخبز وكل الحاجات». وقال: «تباطأ القطاع لفترة قصيرة، أخذنا نفساً ومن ثم عدنا بقوه ولا نزال، وننتظر حالياً موسم رمضان الذي تريد تركيا التركيز عليه، خصوصاً استقطاب السياح من المنطقة العربية، حيث كانت المساجد والأسواق تعجّ بالأخوة من الشرق الأوسط وبخاصة من المملكة العربية السعودية خلال الشهر الفضيل العام الماضي». وأعلن موتلو أن "زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود الأخيرة لتركيا، دعمت السياحة والاستثمار بين البلدين". وأشار إلى أن تركيا تحتل المركز السابع سياحياً بين دول العالم، وتخطط لاحتلال المراكز الأولى، إذ يُتوقع أن تستقبل 60 مليون سائح بحلول عام 2023. وتعمل الحكومة على زيادة عدد الفنادق، ويوجد فيها حالياً 70 ألف سرير. ولم يغفل تخطيط تركيا لدعم علامات تجارية من كل القطاعات، خصوصاً «الخطوط الجوية التركية» الساعية إلى استقطاب السياح من أنحاء العالم، إضافة إلى المنطقة العربية التي تُعتبر من أسرع أسواق الناقلة التركية نمواً»، لافتاً إلى أنها «سجلت زيادة في حركة المسافرين نسبتها 49 في المئة خلال العامين الماضيين، و29 في المئة خلال عام 2012 مقارنة بعام 2011». وقال مسؤولون في الشركة التي نظمت زيارة للصحافيين العرب إلى اسطنبول، إن الناقلة التركية «تتطلع إلى تسليط الضوء على مكانتها كصاحبة أكبر شبكة مقارنة بأي شركة طيران أخرى في العالم، إلى جانب عرض حملاتها الترويجية الجديدة، خصوصاً تلك التي تلبي متطلبات الزوار من منطقة الشرق الأوسط. وأعلنوا أن «الخطوط الجوية التركية»، تسيّر رحلات إلى 235 وجهة في 103 دول حول العالم منها 32 وجهة في منطقة الشرق الأوسط، علماً أن نحو مليون مسافر إضافي في الشرق الأوسط استفادوا من خدماتها خلال عام 2012. ورأى نائب رئيس «الخطوط الجوية التركية» ضياء طاشكنت، أن منطقة الشرق الأوسط هي «السوق الأسرع نمواً بالنسبة إلينا مقارنة بمناطق انتشار شبكة وجهاتنا العالمية، حيث يساهم الطلب المتزايد منها في نجاحنا بزيادة عدد الرحلات والوجهات، في إطار استراتيجية التوسع العالمية المعتمدة لدينا».