الفقر والحرب مصطلحان دخلا حياة إيفون عبدالباقي منذ مراهقتها، فحوّلا امرأة متزوجة في السادسة عشرة فنانةً ورسامةً تنقل وجع شعبها أولاً ومن ثمّ شعوب العالم في لوحات ومعارض. وشغلت منصب القنصل العام الفخري للإكوادور (مسقط رأسها) في لبنان (وطنها الأم)، في سن الحادية والعشرين. ثم تبوّأت مناصب في مؤسسات إنسانية ودولية، وسجّلت اسمها كأول امرأة سفيرة للإكوادور في الولاياتالمتحدة في 1998، وعُيّنت وزيرة للتجارة الخارجية والصناعة والتكامل والصيد البحري والتنافسية، في الاكوادور في 2003. وتشغل حالياً منصب رئيسة برلمان دول الأنديز. غير أن تاريخ 26 تشرين أول (اكتوبر) 1998 يبقى علامة فارقة في مسيرتها، بعدما ساهمت في شكل أساس في توقيع معاهدة سلام بين البيرو والاكوادور، إثر حرب دامت خمسة عقود. تاريخ كرّس مسيرة عمل طويلة بدأتها شابة في محاولة التقريب بين الشعوب المتحاربة عبر الفن والموسيقى، لتضع الفن جانباً وتدخل المعترك السياسي والديبلوماسي من بابه العريض. لا تفصل عبدالباقي بين حياتها الشخصية والعملية، وتعتبرهما مكملين لبعضهما بعضاً، وهي أم لشابين وشابة، يدعمونها في مسيرتها المهنية ويؤازرونها اليوم إلى جانب زوجها في العمل على الفوز بمنصب المدير العام ل «منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة» (اونيسكو) المقررة في 18 أيلول (سبتمبر) الجاري. تقول عبدالباقي ان الفقر «لا يجوز»، متسلحة بقول نيلسون مانديلا: «الفقر كما العبودية والظواهر غير طبيعية، إنما هي من صنع الانسان ويمكن التخلص منها عبر عمل الانسان نفسه». والعمل ضد الفقر والحرب، ولإنقاذ الشعوب من مساوئهما، يشكل هدفها الاساس. وتشرح أن انتقالها من السياسة، وهي التي ترشحت لمنصب رئاسة جمهورية الاكوادور، إلى ترشحها لأونيسكو بدأ كرغبة من ممثلي القارة الاميركية «باختيار شخص من الدول النامية في جنوب أميركا، قادر على فهم ثقافات مختلفة». وتصف ترشحها إلى منصب مدير عام الأونيسكو بأنه «خطوة يجب ان تكون في مصلحة الناس». وإذا كان ما تنادي به إيفون عبدالباقي يُعتبر «برنامجاً انتخابياً» يحمل في طيّاته شعارات مشتركة بين المرشحين على مناصب مختلفة، فإنها بتأكيدها ان الشعارات جزء من قناعتها والمبادئ التي تربت وربت أولادها عليها، تحاول اضفاء شيء من الواقعية على تلك الشعارات. هي مرشحة من بين تسعة، خمسة رجال (من بينهم عربيان من مصر والجزائر، وثلاثة من تنزانيا وبنين وروسيا)، وأربع نساء (من بلغاريا وليتوانيا والنمسا والاكوادور). ولا يُتوقع أن تكون المعركة الانتخابية حامية بسبب كثرة المرشحين، وأن تصدر النتائج قبل الدورة الخامسة للانتخابات. إلاّ أن إيفون عبدالباقي تصنّف نفسها مرشحة تتمتع بثلاثة عناصر أساسية للفوز: كونها تأتي من أميركا اللاتينية (الاكوادور) وبالتالي من بلد نامٍ، وهو ما يقربها أكثر من حاجات الشعوب النامية، وعربية الجذور والعائلة، وبالتالي هي على تماس مباشر مع العالم العربي، وأخيراً انها امرأة، وهو ما تعتبره عبدالباقي ميزة أساسية في ترشحها، من خلال قناعتها بأن لا بد من إعطاء فرصة للمرأة كي تظهر للعالم قدرتها على القيادة، لا سيما في المناصب السياسية. وتقول: «المرأة أقرب إلى مشكلات الناس ومعاناتهم من الرجل، فمشاعر المرأة تلعب دوراً إيجابياً في مسيرتها». وإذا كانت تتمنى لو كان ترشحها للمنصب «مزدوجاً ما بين لبنان والاكوادور، لكان الالتزام اللبناني بالموقف العربي سبق ترشحي، الذي أعلنته أخيراً». وفي جولتها على عدد من الدول التي تملك حق التصويت في هذه الدورة، وعددها 58، من بينها سبعة بلدان عربية، لمست دعماً كبيراً. وتتطرق البرلمانية الاكوادورية - اللبنانية الأصل الى تطلعها الى استرجاع موقع الاونيسكو كمنظمة دولية في ارساء السلام في العالم وتكريسها «اساساً» له. وتنطلق عبدالباقي في برنامج عملها من تجربة الحرب التي عاشتها في لبنان، وتستند فيه، كما تقول، إلى دستور «الاونيسكو» الذي ينص في إحدى فقراته على أن «الحروب تبدأ في عقول الناس، وفيها يجب ان يبدأ بناء اسس السلام». وتولي أيضاً أهمية للعلوم والتكنولوجيا والثقافة في سبيل تحقيق السلام. وتشدد على وجوب أن يكون التعليم متاحاً للجميع.