خرجت البرازيل من عنق الزجاجة بعد فترة طويلة من التراجع والنتائج السلبية التي أوصلتهم إلى احتلال المركز ال22 في تصنيف «فيفا» الشهري للمنتخبات، لكن التألق أمام إسبانيا في نهائي كأس القارات وتسجيل فوز كبير (3-0) أكد أن «السيليساو» عينه على لقب كأس العالم 2014 التي ستقام في البرازيل نفسها، وأن كأس القارات ليست سوى «بروفة» لما ينتظر منتخبات العالم الصيف المقبل. البرازيل عادت بسحرها وجمالها الكروي، هذه الجملة التي يمكن الخروج بها بعد ليلة «ماراكانا» التاريخية، فقد أرادها الإسبان موعداً يضيفونه إلى سجلاتهم بكتابة اسم البرازيل على لائحة ضحاياهم الكبار والتتويج بكأس القارات للمرة الأولى وفي الملعب الشهير، غير أن البرازيليين هم من كتبوا التاريخ وأكدوا أن السحر لا يندثر في أرض «السامبا»، وبدا جلياً أن المنتخب الذهبي يستريح قليلاً ليعود أكثر إشراقاً من ذي قبل، علماً بأن هذا المنتخب لم يعد بحاجة إلى كتابة التاريخ بعد أن كسب كأس العالم 5 مرات، لكن أمسية يوم 30 حزيران (يونيو) كانت موعداً للعودة الحقيقية بعد فترة من التخبط. السحر البرازيلي عاد ليغمر الكرة الأرضية من أقصاها إلى أدناها، وكان لزاماً على البرازيليين أن يعودوا إلى ممارسة سحرهم، فالكرة من دون عروض البرازيل لا لون لها ولا رائحة، والأحداث الكبرى من دون توهج البرازيل لا رونق لها أيضاً. البرازيل أخيراً وضعت النقاط على الحروف وقالت بالفم الملآن لا مفعول ل«التيكي تاكا» في أرضنا، مع وجود نيمار ورفاقه الذين حملوا الراية الآن. البرازيل أسدلت الستار بلقب رابع في كأس القارات والثالث على التوالي، ومعه إنهاء هيمنة إسبانيا على الكرة العالمية والعودة إلى الساحة الكروية من أوسع الأبواب. كأس العالم هي بطولة البرازيل وهو ثقافة عند كل من يركل الكرة في ملاعب البرازيل، أو عند من يلعبها للمتعة فوق الرمال الذهبية لشواطئ «كوبا كابانا»، وصحيح أن الفوز بكأس القارات يبدو مهماً لاستعادة الثقة، وهذا ما حصل بالفعل، إلا أن المونديال هو الأهم، وهذا بالضبط، ما ينشده البرازيليون لمونديالهم. ملاعب البرزيل ولادة نجوم وهي لم تنضب أبداً فيمكن أن تتراجع النتائج، لكن لا يمكن أن تنحسر المواهب، وهو ما يبدو واضحاً، على أن منتخب البرازيل أصبح مختلفاً وسلساً، إذ امتلك جيلاً آخر من سحرته الجدد، بعد فترة اكتنفها الغموض ورُسمت حولها العديد من علامات الاستفهام. ولا يخفى أن هذا كله ما كان ليحدث لولا وجود رجل يفهم لغة السحرة، فهو فعل ذلك قبلاً مع رونالدو وريفالدو وروبرتو كارلوس وكافو والبقية في مونديال 2002، وها هو يعيد الأمر نفسه مع نيمار وأوسكار وباولينيو والحديث طبعاً هنا هو عن لويز فيليبي سكولاري «بيغ فيل». إذا من المهم القول أن مسارعة البرازيليين إلى إقالة المتخبط مانو مينيزيس والإتيان بسكولاري كانت «ضربة معلم» منهم، إذ إن الأخير يمتلك من الحنكة والتجربة والخبرة ما يمكنه من التعامل مع المواهب الصاعدة والتكيف مع المواقف الصعبة. فلولا العمل على الشق النفسي والمعنوي قبل الخططي الذي قام به «بيغ فيل» لما كان لنيمار ورفاقه أن يظهروا في الصورة التي بدوا عليها في كأس القارات. سكولاري هو السبب الأول في تفجر موهبة نيمار وتقديمه بصورة الملهم والقائد الذي يحمل المسؤولية في المناسبات الكبرى على رغم صغر سنه. ولولا سكولاري لما اكتشفت البرازيل لاعب ارتكاز بمواصفات عصرية كباولينيو ولولا سكولاري لما بات للبرازيل مهاجم «رقم 9» قناص وهو فريد، الذي على رغم استحالة وضعه بمقارنة مع نجم مثل رونالدو، إلا أنه يبدو جيداً ومناسباً أقله للفترة الحالية وهذا بفضل الدعم المعنوي الذي استمده من مدربه من خلال منحه الفرصة أكثر من مرة.