واشنطن، لندن، باريس، بندر سري بيغاوان - أ ف ب، يو بي آي، رويترز - بعد صمت دام يومين، أعلنت الحكومة الألمانية أن عمليات تجسس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إي» عليها وعلى مواطنيها «غير مقبولة ولا يمكن تفهمها». كما طالبت برلين بأن تعيد واشنطن «بناء الثقة مع حلفائها الأوروبيين»، بعد كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية ادوارد سنودن مراقبة الوكالة مقار الاتحاد الأوروبي في بروكسيل وسفارته في واشنطن وبعثته الديبلوماسية في نيويورك، والبعثات الديبلوماسية الفرنسية والإيطالية واليونانية في واشنطنونيويورك. ورد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على الاتهامات بأن «غالبية الدول، وليس الولاياتالمتحدة فقط، تنفذ نشاطات كثيرة لحماية مصالحها وأمنها القومي، وجمع كل المعلومات التي يمكن أن تساهم في ذلك. لذا ما أعرفه ان هذا الأمر ليس غريباً.» وأوضح كيري انه التقى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي على هامش مؤتمر رابطة دول جنوب شرقي آسيا في بروناي، و»اتفقنا على مواصلة الاتصالات، وأن نعرف ما هو الوضع بالضبط قبل ان اعاود التواصل معها». وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت في مؤتمر صحافي: «اننا أصدقاء ولسنا في حرب باردة، والمستشارة أنغيلا مركل ستبحث الأمر قريباً جداً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما»، خصوصاً ان مجلة «دير شبيغل» كشفت تنصت الاستخبارات الأميركية على 500 مليون مكالمة هاتفية ورسالة بريد شهرياً في ألمانيا، كما راقبت معلومات الإنترنت وخزنتها ب «اعتبار ان ألمانيا هدف مقصود». وأضاف: «طالبنا واشنطن بتفسير الاتهامات الموجهة اليها، وتزويدنا توضيحات مفصّلة. وفي حال لم يحصل ذلك، لا بدّ من رد فعل أوروبي منسق وواضح على واشنطن». وأوضح ان برلين تجري محادثات مع باريس في هذا الشأن. وبعدما اشارت «دير شبيغل» الى ان التنصت على مباني الاتحاد الأوروبي لم يعتمد فقط على ميكروفونات وضعت فيها، بل اخترق شبكته للمعلومات، ما سمح لها بقراءة رسائل الكترونية ووثائق داخلية، نقلت صحيفة «ذي غارديان» عن وثائق سنودن ان «التجسس على الاتحاد الأوروبي هدف الى جمع أكبر قدر من المعلومات عن الخلافات بين دوله الأعضاء». وأشارت «ذي غارديان» أيضاً الى تجسس الاستخبارات الأميركية على 38 بعثة وسفارة، بينها السفارة الفرنسية في واشنطن والبعثة الفرنسية في نيويورك، وكذلك السفارة الإيطالية في واشنطن، وبعثات لليونان وأخرى لليابان والمكسيك وكوريا الجنوبية والهند وتركيا، ودول حساسة في الشرق الأوسط. ودفع ذلك الاتحاد الأوروبي الى استدعاء السفير الأميركي لديها وليام كينارد لبحث المسألة، علماً ان مفوضة العدل الأوروبية فيفيان ريدنغ حذرت من ان عمليات التجسس المزعومة «يمكن ان تعرقل محادثات ستبدأ قريباً بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي حول انشاء منطقة للتبادل الحر عبر الأطلسي». كما طالبت فرنسا وإيطاليا الإدارة الأميركية بتفسيرات حول التسريبات ومدى صحتها. وشدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على ضرورة ان توقف الولاياتالمتحدة هذا الأمر «فوراً لأننا لا يمكن ان نقبل بهذه التصرفات بين شركاء وحلفاء»، معتبراً ان «العناصر باتت كافية لكي نطلب توضيحات». وأضاف في اشارة الى محادثات اتفاق التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة: «لا يمكن ان تجري فرنسا مفاوضات او تعاملات في كل المجالات الا فور حصولها على ضمانات. وينطبق ذلك أيضاً على كل الاتحاد الأوروبي وكل شركاء الولاياتالمتحدة». وتابع: «نعرف جيداً ان هناك انظمة يجب ان تراقب، خصوصاً من اجل مكافحة الإرهاب، لكني لا اعتقد بأن هذا الخطر قائم في سفاراتنا او في الاتحاد الأوروبي». في روما، وصفت وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو المسألة بأنها «شائكة جداً»، مبدية ثقتها بأن الولاياتالمتحدة ستقدم كل المعلومات والتطمينات. مصير سنودن وفيما لا يزال سنودن عالقاً في مطار موسكو، طالب وزير البيئة السابق في ألمانيا رئيس كتلة «حزب الخضر» في البرلمان يورغن تريتين، برلين بتأمين لجوء سنودن الهارب من سلطات الولاياتالمتحدة الى ألمانيا أو دولة أوروبية غربية، معتبراً انه «من المخجل أن يسعى سنودن الى اللجوء الى دول مستبدة مثل الصين أو موسكو أو الإكوادور». وزاد: «من المؤلم بالنسبة الى الديموقراطيين أن يطلب شخص خدم الديموقراطية عبر كشف انتهاك كبير للحقوق الأساسية اللجوء من طغاة لا يحترمون انفسهم الحقوق الأساسية. شخص مثله يجب أن يحظى بحماية. ويجب أن يجد ملاذاً آمناً في أوروبا التي قدم لها خدمة بكشف هجوم كبير على حقوق مواطنيها وشركاتها. وألمانيا باعتبارها جزءاً من أوروبا يمكن ان تقدم ذلك».