أدلى الناخبون في تونس بأصواتهم الاحد في اول انتخابات تشريعية وفق دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه بداية العام 2014 ، وبدا الاقبال متوسطاً رغم ان الاقتراع حاسم في هذا البلد الذي ينظر اليه باعتباره "بارقة أمل" في منطقة مضطربة. وترتدي هذه الانتخابات أهمية بالغة إذ سينبثق عنها برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية. ولا يتوقع ان تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تنظم الاقتراع، النتائج قبل الاثنين. ورغم وجود عدد كبير من القوائم الحزبية والمستقلة والائتلافية فإن الحزبين اللذين يتوقع ان يحصلا على عدد اكبر من المقاعد هما حزب "النهضة الاسلامي" و"حزب نداء تونس" الليبرالي العلماني. وأعلن شفيق صرصار في مؤتمر صحافي ان "نسبة المشاركة في الانتخابات داخل تونس بلغت 50،48 في المئة (2,6 مليون ناخب) اي قبل ساعتين من انتهاء التصويت وبدء فرز الاصوات". واغلقت الغالبية الساحقة من مكاتب الاقتراع ابوابها في الموعد المحدد فان بعض المكاتب التي تاخر موعد فتحها ستظل مفتوحة حتى بعد موعد غلق المكاتب لتعويض الوقت الضائع. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين خمسة ملايين و285 ألفاً و136 بينهم 359 ألفاً و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات. وبالنسبة الى المقيمين في الخارج، بدأت عملية التصويت في تشرين الاول (أكتوبر) وتستمر الى يوم الاحد. وخلافاً لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي كلف صياغة الدستور الجديد التي أجريت في 23 تشرين الاول (اكتوبر) العام 2011 وتمكن الناخبون من التصويت فيها بمجرد بطاقة اثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع. وينص القانون الانتخابي على حق "كل تونسية وتونسي مسجلين في سجل الناخبين، وبلغوا 18 عاما كاملا في اليوم السابق للاقتراع" الادلاء باصواتهم. ولا يسمح هذا القانون ل"العسكريين وقوات الامن الداخلي" بالمشاركة في الانتخابات. وتتنافس في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة (1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج) موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل و6 في الخارج)، وفق هيئة الانتخابات. وتضم القوائم الانتخابية اسماء نحو 13 الف مرشح "على أساس مبدأ "المناصفة" بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة" الواحدة، وفق القانون الانتخابي". وسينبثق عن الانتخابات "مجلس نواب الشعب" الذي سيمارس السلطة التشريعية لمدة خمس سنوات. ويضم المجلس 217 نائبا بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائباً عن ست دوائر في الخارج. وفي مكاتب الاقتراع كانت الاجواء جيدة حيث كان ناخبون يتبادلون التهاني بعد التصويت وتلوين سبابتهم اليسرى بالحبر الانتخابي. وقالت صفاء الهلالي (مدرسة 27 عاماً) "لأكون صريحة لقد جئت للقيام بالواجب اكثر مما هو اقتناع باللوائح المتنافسة" مضيفة "يتعلق الامر بمستقبل الشباب والاجيال القادمة". ورغم المخاوف من حدوث اضطرابات خصوصاً هجمات ارهابية، فقد جرى الاقتراع من دون حوادث تذكر. ونشرت السلطات 80 الف جندي وشرطي لتامين هذه الانتخابات التي سينبثق عنها اول مجلس شعب للجمهورية الثانية لولاية من خمس سنوات. وقالت انيمي نويتس يوتوبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي بعد ظهر الاحد "حتى الان الامور تسير بشكل اكثر من مريح". واشاد رئيس الوزراء مهدي جمعة ب"اليوم التاريخي" وقال أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع شمال العاصمة تونس إن "في نجاح هذه العملية (الانتخابية) ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة الذي أوضاعه في كثير من البلدان صعبة". ووفق استطلاعات للرأي أجريت في وقت سابق ومحللين فإن حزبي "نداء تونس" (وسط) و"حركة النهضة" الاسلامية هما الأوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات. واستبعدت القوى السياسية الكبرى حصول حزب بمفرده على الاغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة لأن النظام الانتخابي النسبي المعتمد يسهل وصول الاحزاب الصغيرة. ومطلع 2014 اضطرت حركة النهضة التي حكمت تونس عامي 2012 و2013 إلى التخلي عن السلطة لحكومة غير حزبية بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لاخراج البلاد من أزمة سياسية حادت اندلعت إثر اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في العام 2013. وتقود الحكومة غير الحزبية التي يرأسها مهدي جمعة، البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات العامة. وتجرى الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لوكالة "فرانس برس" خلال وقوفه في طابور للناخبين أمام مركز اقتراع جنوب العاصمة تونس "التونسيون يصنعون اليوم لأنفسهم تاريخاً جديداً ويصنعون للعرب تاريخاً جديداً مع الديموقراطية، ويبرهنون ان الذين فجروا ثورة الربيع العربي متمسكون بالوصول بها الى غايتها في انتاج نظام ديموقراطي حديث". الى ذلك، قال رئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي للصحافيين بعد قيامه بالتصويت في مركز اقتراع شمال العاصمة "في انتخابات العام 2011 ادليت بصوتي لتونس، واليوم اصوت لتونس. تحيا تونس".