مدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليوم ثالث السبت رحلاته المكوكية بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين، وألغى زيارته التي كانت مقررة أمس لأبو ظبي كي يتابع لقاءاته المتكررة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس التي بدأها الخميس، مثيراً بذلك تكهنات في شأن تقدم في إحياء مفاوضات السلام المتوقفة منذ حوالى ثلاث سنوات. واستقل كيري صباح أمس مروحية من القدس إلى عمان حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجدداً، ثم عاد عصراً إلى القدس ليتابع محادثاته مع القادة الإسرائيليين. ورداً على سؤال لصحافي حول تقدم، قال كيري في مستهل اجتماع السبت مع عباس بمنزل الرئيس الفلسطيني في عمان «نبذل كل جهد». وفي مؤشر إلى تقدم محتمل، ألغى كيري زيارته التي كانت مقررة السبت لأبو ظبي حيث كان يفترض أن يجتمع مساء السبت على مائدة العشاء مع المسؤولين الإماراتيين. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف إن كيري «اتصل بوزير الخارجية عبدالله بن زايد (آل نهيان) ليقدم له اعتذاره ويأمل في العودة لزيارة البلد في مستقبل قريب». وكان يفترض أن تتمحور محادثات كيري في الإمارات كباقي دول الخليج حول تنسيق المساعدات المقدمة إلى المقاتلين السوريين المعارضين للنظام السوري. وأوضحت المتحدثة أن وزير الخارجية الأميركي سيتوجه كما هو مقرر إلى بروناي للمشاركة في منتدى رابطة جنوب شرقي آسيا (أسيان) اعتباراً من الاثنين، لكنه ألغى زيارته لأبو ظبي لأن «الاجتماعات حول عملية السلام ما زالت مستمرة». وهي تعليقات نادرة حول مهمة كيري بعدما أكد المسؤولون الأميركيون أنهم ينوون التزام الصمت حول كل المناقشات التي تجرى في الجلسات المغلقة في إطار ديبلوماسية مرنة. وبدا أن كيري سيدلي بتصريحات قبل مغادرته المنطقة، لكن الإذاعة العامة الإسرائيلية قالت إن فشله في عقد مؤتمر صحافي كان يتم الترتيب له في عمان وهو يشير إلى استمرار العقبات التي تعيق طريق المفاوضات. وقال المحلل السياسي في الإذاعة شيكو مناشي إن «مصادر ديبلوماسية (إسرائيلية) لا تزال تتحدث عن إمكانية عقد قمة رباعية في عمان الأسبوع المقبل». لكنه أضاف «مع إعلان إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان يجرى التحضير لعقده اليوم (أمس)، يبدو أنه ليس هناك شيء لإعلانه». ومنذ الخميس، أمضى كيري سبع ساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث عقدا اجتماعيهما في جناح في أحد فنادق القدس. وكان مساعدو كيري قللوا من أهمية التوقعات بحدوث اختراق وشيك وأكدوا أنهم يأملون في تحقيق تقدم تدريجي قبل الوصول إلى مفاوضات جوهرية بين إسرائيل والفلسطينيين. وعقد آخر اجتماع بين طرفي النزاع في أيلول (سبتمبر) 2010 وتوقفت المفاوضات خلاله بسرعة بينما أكد عباس أن إسرائيل لم تكن جادة. وتطالب السلطة الفلسطينية إسرائيل بتجميد البناء الاستيطاني في المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة والقبول بالتفاوض على أساس مبدأ الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في 1967. ويرفض نتانياهو أية «شروط مسبقة» للتفاوض ويؤكد استعداده للمحادثات. وبعد لقائه الثاني مع نتانياهو الجمعة تناول كيري العشاء مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي يشغل حالياً منصباً فخرياً لكنه تابع عملية السلام عندما كان رئيساً للوزراء. وقال بيريز عند استقباله كيري في مقره الرسمي إنه «أمر صعب وهناك مشاكل كثيرة» لتحقيق تقدم. وأردف قبل بدء لقائه كيري «أعرف أن الأمر صعب وهناك مشاكل كثيرة»، مضيفاً أن هناك «أكثرية واضحة بين السكان تؤيد عملية السلام وحل الدولتين». وتابع «هناك آمال كبيرة بأنكم ستنجزون ذلك وبما تستطيعون فعله». وفي مؤشر إلى رغبة كيري في مواصلة التفاوض، قام بزيارة نادرة لإسرائيل السبت (أمس) الذي يتوقف فيه اليهود المؤمنون عن العمل ويمتنعون عن استخدام الكهرباء. وقد التقى كيري الجمعة، في اليوم الثاني من زيارته، الرئيس محمود عباس في عمان ثم عاد إلى القدس. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن عباس وكيري «أجريا محادثات بناءة جداً حول أهمية دفع عملية السلام قدماً». وحول لقائه بعد ذلك نتانياهو في القدس، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إنهما أجريا «محادثات مفصلة ومهمة حول سبل التقدم انطلاقاً من محادثاتهما المعمقة الليلة الماضية». ويحرص كيري على التوصل لاتفاق لاستئناف عملية السلام قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الجديدة في أيلول والتي منحت الفلسطينيين وضع دولة غير عضو بصفة مراقب. ويخشى نتانياهو أن يستغل الفلسطينيون اجتماع الجمعية العامة في غياب المفاوضات المباشرة لإطلاق المزيد من خطوات الاعتراف بدولتهم. ويعتقد مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية أن الجانبين سيعودان إلى طاولة التفاوض بمجرد التوصل إلى اتفاق على إجراءات لبناء الثقة، بينها على سبيل المثل إصدار عفو إسرائيلي جزئي عن السجناء الفلسطينيين في قضايا أمنية وإيجاد صيغة لمحادثات جديدة. ويعد كيري خطة اقتصادية بقيمة أربعة بلايين دولار تحت إشراف رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وذلك كحافز للعودة إلى المحادثات. وتتضمن الخطة استثمارات جديدة من القطاع الخاص لتعزيز فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي في المناطق الفلسطينية. وأخيراً، كشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة «إسرائيل هايوم» المؤيدة للحكومة أن 56,9 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون استئناف المحادثات التي يحاول كيري إعادة إطلاقها. وفي غزة طالب إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس الجمعة الرئيس الفلسطيني ب «عدم الوقوع في فخ المفاوضات». وقال «نطالب الإخوة في السلطة والأخ أبو مازن بألا يقعوا في الفخ مرة ثانية وفي وهم المفاوضات مرة أخرى». وتابع «نحن لا نعول على زيارة كيري المنطقة، هو لا يملك أي مشروع، وهو يسير في سقف المواقف الإسرائيلية والأدبيات الأميركية - الإسرائيلية». وهذه الزيارة الخامسة لكيري إلى المنطقة في خمسة أشهر.