يحقق يوم السبت المقبل أول خطوة نحو التصالح مع الشعب السعودي بعد قرابة 40 عاماً من «حرب باردة» كانت «تطحن» بينهما، ومشاعر كراهية، تأفف، ونزق نتيجة تصدره لأول أيام العمل، الاختبارات، والدراسة، وهي ثلاثة اختراعات عالمية لم تحقق شعبية كبرى على الأراضي السعودية حتى الآن. جاء هذا التصالح بعد صدور أمر ملكي يقضي بتحويل الإجازة الأسبوعية إلى يومي «الجمعة والسبت» وإبعاد يوم الخميس، لم يكد يخرج يوم الخميس من كرسيه حتى أصابته قذائف «هاشتاق» محلية الصنع، ووابل من رصاص غير مطاطي، وصل إلى مرحلة تقديم اقتراحات بتغيير اسم مدينة «خميس مشيط» إلى «جمعة مشيط»، ومسمى مدينة «سبت العلايا» إلى «أحد العلايا»، بينما «اثنين رفيدة» جاء بديلاً «لأحد رفيدة»، في حين ظهور صورة للكوميدان السعودي ناصر القصبي موسومة بتعليق «يعني نصلي الجمعة يوم السبت» يحمل إشارة على ضعف مرونة تقبل السعوديين لتغيرات بسيطة. تعرض يوم الخميس «كشخصية اعتبارية، وقيمة زمنية» إلى استهجان مرير من سعوديين بعد خسارته لمرتبة «اليوم الأفضل»، إذ كان مقترناً بيوميات حياتهم كأول أيام الإجازة الأسبوعية بقوة مرسوم ملكي صدر عام 1975، وفي ذلك دلالة على أن كل «طايح» من كرسي رفيع يصبح في منطقة رماية «تنخل» جسده، نفسيته، وتاريخه، وهو شعور يعرفه بشكل أكثر دقة جنرالات عسكر أو وزارات رمتهم على الأرصفة الهامشية حسابات نظام التقاعد، أو مفاجآت مراسيم ملكية، تماماً كما حدث للخميس انسكب الشعب السعودي توالياً نحو بناء هرم تعليقات ساخرة كان «أثقلها دماً» المتخذة مسارات نحو «تهويد» السبت، واعتباره جزءاً من الموروث اليهودي الصرف، وأن اتخاذه إجازة يحقق انتصاراً «ما عمره صار» للعلمانيين، والتغريب، ولعل ذلك كان محسوباً من السادة المسؤولين عن صياغة البيان الملكي، ذلك لأنه كان موسوماً بتبريرات قد تكون الأطول على امتداد القرارات الملكية في السعودية، بينما كان ذلك يستوجب قراراً ملكياً لأن إدراج الخميس ضمن الإجازة الأسبوعية جاء بناءً على أمر ملكي عام 1975 ميلادية. جاء مرسوم ملكي جديد بعد 38 عاماً ناقلاً يوم الخميس إلى مربع الدوام الرسمي، وكل صلاحياته إلى يوم السبت، أما اليوم الجالس بينهما فلا مساس به، وهي تكتيكات اعتادت قرارات سيادية على تكرارها، فإزاحة وزير أو ترقيته لا يعني غالباً المساس بكوكبة الفرسان الموجودين بين الوزير والجماهير، من فئة وكلاء الوزير، ومديري القطاعات، على رغم أنهم سبب رئيس في تفعيل أو قتل طموحات صاحب المعالي وصادق نياته. ينزوي يوم الخميس جيش من المتقاعدين المنسيين، على رغم قدرتهم على بناء أمة أفضل، غير مرغوب في إعادة إدراجهم في صفوف الخبرات المحلية، وهو مصير يعيشه حالياً متقاعدو شركة أرامكو، وجنرالات أجهزة أمنية وعسكرية يجلس تحت أشمغتهم جماجم ذات سمات قيادية كفيلة بحل معظلات تنموية «محنطة» كجثث فرعونية في زوايا محافظات وأطراف الديار السعودية. استدرج القرار الملكي من ذاكرة السعوديين معركة قديمة بين الراحل طلال مداح والمشرق محمد عبده، فالأول غناء رائعة باسم «ليلة الجمعة» ماتت لأن «ليلة خميس» أقرب للوناسة، مات طلال وانتصرت له أغنيته بعد دهر، في حين انتظار أغنية «ليلة سبت» لن يطول. كان الوجع واضحاً عند تصفح عبارة «راجعنا يوم الأحد» مكتوبة على «تويتر» بتكرار وتحتها إشارة إلى أنها تأتي على لسان موظف حكومي يجتهد في تكرارها بغية سكبها في وجوه مواطنين يلاحقون معاملاتهم، في إشارة إلى أن تغيير أيام الأسبوع لا يعني تغيير أسلوب الخدمة المتاحة. [email protected] @jeddah9000