تجنّب الاتحاد الأوروبي أزمة ديبلوماسية جديدة مع حكومة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا، من خلال التزامه فتح فصل جديد لمفاوضات العضوية مع أنقرة، وفق خطة المحادثات شبه المجمدة التي كان أعلن عنها الاتحاد قبل سنتين. لكن الأخير أجّل إلى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، الإعلان عن تاريخ بدء المفاوضات حول «فصل السياسات الإقليمية»، كما أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، بعد نشر تقرير سنوي حول أداء الحكومة التركية في شأن الارتقاء بالديموقراطية وحقوق الإنسان. وكان الاتحاد ناقش تأجيل فتح هذا الفصل، بعد انتقاده تعامل أجهزة الأمن مع متظاهري ميدان «تقسيم» في إسطنبول، وأداء الحكومة. لكن قوىً في الاتحاد فضّلت تجنب أزمة جديدة، اعتبرت أن حكومة رجب طيب أردوغان تسعى إليها، من أجل التهرّب من مسؤولياتها الداخلية وتعزيز فرضية وجود «مؤامرة دولية» ضدها، يشارك فيها الاتحاد. وفي الداخل التركي، استمرت تداعيات أزمة حديقة «غازي»، إذ تابع أردوغان حديثه عن «مؤامرة دولية»، مجدداً مساندته أجهزة الأمن، كما أعلن رفضه الإذعان لأي «إملاءات» من وسائل الإعلام أو «نصائح المعارضة»، قائلاً أمام نواب حزبه: «نقرأ في الصحف ما يُقال إنها نصائح أو إملاءات تفيد بضرورة فصل فلان عن عمله أو معاقبة مسؤول أمني». وسأل: «من سمح لكم بالتحدث في هذا الموضوع؟ منذ متى أصبحت الأقدام تتطاول على الرأس»؟ وكان لافتاً أن هذا الانتقاد القوي للإعلام، تلا اتصالاً هاتفياً تلقّاه أردوغان من الرئيس الأميركي باراك أوباما، خُصص جزء منه عن حرية الإعلام في تركيا. وأفاد الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء التركية بأن أردوغان «شرح لأوباما تطورات أحداث تقسيم، وأكد الزعيمان على أن حرية الصحافة والتعبير، وحرية التظاهر والتجمع من دون عنف، تشكّل قيماً مشتركة بين البلدين». أما البيت الأبيض فأعلن أن «الزعيمين ناقشا أهمية تجنّب العنف والحقوق في حرية التعبير والتجمع وحرية الإعلام». واتهم أردوغان «حزب الشعب الجمهوري» المعارض بالسعي إلى «إثارة فتنة طائفية» في تركيا، والعمل مع جهاز الاستخبارات السورية و «استفزاز» المواطنين ودعوتهم إلى التظاهر ضد الحكومة، لإحداث فوضى. وحذر أردوغان العلويين في تركيا من «الانجرار وراء هذا الفخ». في المقابل، شنّت أحزاب المعارضة البرلمانية الثلاثة، الكردية والقومية واليسارية، هجوماً قوياً على رئيس الوزراء، إذ اتهمته باستخدام الدين «سلاحاً في السياسة وزرع فتنة دينية» في البلاد، من خلال اتهام خصومه السياسيين بأنهم «قليلو إيمان»، ووصفه أنصاره بأنهم «مؤمنون حقيقيون». وحذّر زعيم «حزب الحركة القومية» دولت بهشلي من «خطورة الاستخدام المتزايد لأردوغان أخيراً، عنصر الدين في خطبه السياسية». أما «حزب السلام والديموقراطية» الكردي فانتقدت زعيمته غولتان كوشاناك وصف أردوغان الإعلام بأنه «أقدام»، ونصحته بأن «يقرأ قليلاً عن الديموقراطية، ليتعلّم ماهيتها ويتوقف عن التصرّف وكأنه سلطان عثماني». وشددت على أهمية تنفيذ حكومة أردوغان التزاماتها في خطة السلام المبرمة مع الزعيم المعتقل ل «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان الذي أعلن في بيان «بدء المرحلة الثانية من خطة السلام»، مشيراً إلى أن انسحاب مسلحي حزبه إلى شمال العراق يسير كما يجب، واعتبر أن «الوقت حان لتعرض الحكومة على البرلمان، إصلاحات سياسية متفق عليها مسبقاً». وزاد: «على رغم تعطيل من قوى، أُصرّ على متابعة العملية، وأعتقد بأننا سنبلغ هدفنا». وكان قائد الجناح العسكري ل«الكردستاني» مراد قره يلان اتهم حكومة أردوغان بالتخطيط سراً ل «حرب خاطفة» ضد الحزب.