آلت إمرة حركة طالبان (باكستان) الى حكيم الله، وهو من قبيلة محسود جنوب وزيرستان. فانتقلت قيادة الحركة من عائلة بيت الله في بلدة ماكين، إلى فخذ آخر في قبيلة محسود الكبيرة في بلدة ساراروغا. ولا ينتظر أن تلتئم الشروخ الداخلية في طالبان، في القريب العاجل. والمشكلات كثيرة، ومنها تنظيم الكوادر المسلحة والدعم المالي. فالقائد الذي كان يسيطر على أوسع دائرة خارج جنوب وزيرستان، أصبح هو المهيمن على قرار طالبان. وعلى رغم أن نفوذ حكيم الله أوسع في مناطق القبائل من نفوذ بيت الله محسود، يقل عدد المقاتلين تحت إمرته عن عدد من كانوا في إمرة سلفه. ولكن ما هو مصير 30 ألف مقاتل كانوا يتلقون إعانات مالية من بيت الله محسود، ورواتب دورية وتعويضات لأسر الشهداء؟ يذهب بعضهم الى أن ولي الرحمن محسود ربما سيشغل منصب نائب حكيم الله، ويتولى السيطرة على جنوب وزيرستان. وقد لا تدوم هذه الصيغة طويلاً. فولي الرحمن محسود يملك ما يكفي من المال لتجنيد عدد كبير من المقاتلين. ولكن هل يمول ولي الرحمن نفقات حكيم الله محسود الباهظة؟ وهل يستعين بالثلاثين ألف مقاتل الذين كانوا في إمرة بيت الله محسود أم يكتفي بالثمانية آلاف مقاتل الذين يخصونه؟ ولكن ما السبيل الى استغلال باكستان وجيشها هذه الأوضاع؟ فالباكستانيون منقسمون في الرأي. فمنهم من يدعو الى التدخل في الجنوب، ومنهم من يتردد ويدعو الى تضييق التدخل الواسع في شؤون منطقة القبائل شبه المستقلة. ويُخشى من ثورة القبائل وردودها العنيفة، في حال التقدم نحو جنوب وزيرستان. ولكن هل في وسع الجيش الباكستاني التحرك في مناطق أخرى، وزرع الشقاق بين حكيم الله وولي الرحمن محسود؟ وسبق ان انتشر الجيش الباكستاني في المناطق القبلية الساخنة. فهو نجح في طرد جماعات استقرت طوال اعوام في باجور ومالاكند. واكتسب الجيش خبرة في شن القتال في الأماكن السكنية. وحريّ بباكستان المبادرة الى شن عملية دقيقة التخطيط، عوض انتظار أن يستتب الأمر لحكيم الله وولي الرحمن وأن يتمكنا من تحصين مواقعهما. وأغلب الظن أن ينشغل القائدان من قبيلة محسود سريعاً في تصفية خلافاتهما. وباكستان مدعوة الى اقتناص الفرصة، وشن عمليات عسكرية واسعة النطاق في المناطق القريبة من مدن بنون وكوهات وهانغو وباراتشنار. ففي هذه المناطق، استبدل حكيم الله الإدارات المحلية بعناصر من أنصاره. وعلى الحكومة تحدي سلطة حكيم الله محسود في هذا الوقت. والحق أن ثمة مصدرين، هما منظمة «القاعدة» وفرع طالبان البنجاب، تستمد منهما حركة طالبان باكستان قوتها، وتحولان دون سقوطها. ونفوذ حركة طالبان في البنجاب كبير. ولكن الحركة تفتقر إلى وجه قيادي، على رغم أن عناصرها وخطباءها وكوادرها أكثر عدداً وأقوى من نظرائهم في حركة طالبان في مناطق القبائل الباكستانية. ولكن بقاء طالبان البنجاب هو رهن الاتفاق بين القائدين من قبائل محسود. وعلى الجيش الباكستاني مباغتة طالبان باكستان قبل توحيد صفوفها. * افتتاحية، عن «دايلي تايمز» الباكستانية، 27/8/2009، اعداد جمال اسماعيل