تبدّلت مواقف الحكومة والمعارضة في تركيا تجاه الاتحاد الأوروبي بعد أزمة حديقة «غازي بارك» في شكل مثير، إذ أبدى «حزب الشعب الجمهوري» المعارض قلقه مما سماه سعي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الى توتير العلاقات مع الاتحاد تمهيداً لقطعها، بعدما كان الحزب من أكثر المنتقدين للاتحاد الأوروبي وللعلاقات معه. ولا توفر حكومة أردوغان الآن أي فرصة لتوتير هذه العلاقات، والتهديد بقطعها أو تجميدها مجدداً في حال رفض الاتحاد فتح فصول جديدة في المفاوضات على عضوية تركيا نهاية الشهر الجاري. وأرسل زعيم حزب الشعب كمال كيليجدار أوغلو رسالة خطية الى المستشارة الألمانية انغيلا مركل ليحضها على دعم المفاوضات مع أنقرة لئلا «يستفرد رئيس الوزراء وحكومته بتركيا ويجرانها أكثر بعيداً من الديموقراطية». وطالبها بالضغط على الحكومة من أجل احترام حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير، في وقت تبادلت أنقرةوبرلين استدعاء السفراء، بعد اتهامات تركية لألمانيا بالضغط لعرقلة فتح فصول جديدة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، اثر ادانة برلين تصرف قوات الأمن مع المحتجين في «غازي بارك»، معتبرة أن ذلك يشير الى أن تركيا ليست جاهزة للتقدّم أكثر في مفاوضات العضوية. ووصف وزير الاتحاد الأوروبي في حكومة أردوغان اغامان باغيش موقف برلين بأنه استغلال لتركيا من أجل مصالح انتخابية داخلية للمستشارة الألمانية. في غضون ذلك، ارتفع عدد المعتقلين من حزب المضطهدين الاشتراكي التركي الى 23 شخصاً، احيلوا على المحكمة بتهمة الانتماء الى «تنظيم ارهابي» والعمل لتخريب ممتلكات عامة أثناء التظاهرات. وبات التظاهر الاحتجاجي ليلاً في أنقرة وازمير عادة يومية لدى مئات من اليساريين ما يستدعي تأهب قوات الشرطة. ولا يزال ميدان تقسيم يشهد من وقت إلى آخر احتجاجات بأشكال مختلفة، آخرها ما عرف ب «الرجل الواقف»، إذ يقف عدد من المحتجين في صمت وسط الميدان لساعات رفضاً لتصرفات الحكومة، خصوصاً مع استمرار أردوغان في تصريحاته التصعيدية ضد المتظاهرين وتوجيه الاتهام إلى وسائل الاعلام الأجنبية بالتحريض، والحديث عن مؤامرة خارجية، وهو ما يعتبره المحتجون اصراراً لدى رئيس الوزراء على تجاهل موقفهم، ورفضه القبول بوجود حركة احتجاجية تركية ضده. وبينما أشاد نائب رئيس الوزراء بولنت أرينش بأسلوب الوقفة الاحتجاجية، قائلاً أنه لا يمكن الاعتراض عليه طالما أنه عمل سلمي، انتقد أردوغان الأسلوب أيضاً معلناً ان المحتجين «يريدون لتركيا أن تتجمد في مكانها وألا تتقدم». ورفض دعوة المعارضة إلى وقف مهرجاناته الإنتخابية، من أجل تخفيف التوتر في الشارع، وأعلن حملة أخرى من المهرجانات السياسية في البحر الأسود.