تسيطر الحيرة على سكان أحياء قرطبة والمونسية والرمال، بعد أن وجدوا أنفسهم يعيشون في فوضى عارمة، سواء من ناحية الخدمات البلدية أم الصحية أم المرورية. أنا واحد من هؤلاء السكان، وتكبدت ديوناً لا يعلمها إلا الله من أجل شراء فيلا من خلال التمويل المصرفي، وسأظل أسدد هذا الدين مدة 20 عاماً، وفي النهاية أجد أنني سكنت في حي الرمال الذي يفتقد كل شيء، لا أبالغ فأنا أعني كل شيء. هذه الأحياء الثلاثة لا تستطيع الخروج منها إلا بشق الأنفس، فلا يوجد إلا مخرجان هما كوبري الفحص الدوري أو طريق خالد بن الوليد، وإن كنت محظوظاً فستقف عند إحدى هاتين الإشارتين مدة لا تقل عن خمس دقائق، ناهيك عن الفوضى المرورية بسبب عدم وجود أرصفة وسطية أو جانبية بالقرب من تلك الإشارات. المضحك في الأمر أن الإشارات المرورية غير موجودة، خصوصاً في حيي الرمال والمونسية، فلا يوجد سوى تقاطعات لطرق تكثر فيها الحفر، وصاحب السيارة الرديئة هو من يعبر التقاطع أولاً. المونسية هو أكثر غرابة من الحيين الآخرين، حي تكثر فيه مقاهي الشيشة واستراحات العزاب وقصور الأفراح والورش، وبالتالي هو حي يغص بالأجانب والشبان والمعزومين والمحتفلين. تخيلوا كل هؤلاء يشاركون الأهالي في سكنى الحي، ويتناوبون ليلاً ونهاراً على مضايقة الأسر والأطفال والنساء. المدارس شحيحة جداً، وفي بعض المخططات غير موجودة، والأمر ذاته ينطبق على المراكز الصحية والإدارات الحكومية، الأمر الذي أجبر السكان على تدريس أبنائهم في أحياء أخرى مثل اليرموك وغرناطة وأشبيلية. وإحقاقاً للحق فقد عوضتنا الدولة عن فقدان تلك الإدارات الحكومية بإدارة لمكافحة المخدرات جنوب حي المونسية. ترى ألا يوجد مكان آخر لمثل هذه الإدارة؟ هل من المنطق أن تزاحم إدارة لمكافحة المخدرات منازل الأهالي؟ أمر غريب. الشوارع بلا أرصفة وبلا إشارات، وتكثر فيها الحفر والمياه الآسنة الناتجة من عدم وجود صرف صحي، والأحياء الثلاثة شبه معزولة إلا من طريقين مختنقين، والشاحنات تملأ الأراضي الفضاء على جانبي الطرق، والجهات الخدمية منعدمة، والمستشفيات والمدارس شحيحة أو غير موجودة، فماذا نفعل؟ وإلى من نشتكي؟ لا أعلم ماذا تنتظر أمانة مدينة الرياض. ألا يوجد قرار صارم منذ أكثر من عقد من الزمن بإبعاد المقاهي عن الأحياء السكنية؟ ألا يعلم المرور عن وجود هذه الأحياء؟ ماذا ينتظر؟ هل لا بد من حوادث مروعة ومميتة حتى يتحرك؟ أين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة؟ لقد اشترينا الفلل والأراضي بالملايين، ولم يكن هذا ما ننتظره، أشد المتشائمين لم يتوقع واقعاً مثل هذا. فمتى تتحرك هذه الجهات الحكومية النائمة؟