المنتظر من الوزارات والإدارات الحكومية التحرك في خطوط متوازية وبسرعة واحدة أو على الأقل متقاربة، كما أن التنسيق بين تلك الإدارات ضروري لتكامل الخدمات وضمان استمرار التطوير وتحسين الأداء. مع الأسف هذا الأمر المنتظر لا يحدث، ولذلك يكون التطور السريع لجهة ما وبالاً عليها أحياناً، كما أنه يكشف الخلل وسوء الأداء والغفلة في جهة أخرى. هذه الكلمات تعبّر عما يعيشه سكان حيي المونسية وقرطبة، فالتوسع في المخططات والأراضي والمساكن على قدم وساق في تلك الجهة، ولكنه توسع سكاني فقط بلا خدمات مصاحبة. وجد السكان أنفسهم يراجعون مراكز صحية ويوصلون أبناءهم وبناتهم إلى مدارس في أحياء أخرى يفصلهم عنها طريق الدائري الشمالي مثل حي اليرموك أو الخليج، والمشكلة أنه لا يوجد ما يربط تلك الأحياء ببعضها سوى طريق الشيخ جابر الصباح أو طريق خالد بن الوليد، ولا يخفى على أحد مدى الاختناق المروري الذي يحصل عند هاتين الإشارتين. هي معاناة لا يشعر بها سوى الأسر، خصوصاً الآباء وأرباب الأسر الذين وضعوا ما ادخروه طوال أعوام في أراضٍ وفلل مرتفعة الثمن، إلا أنهم صدموا بتواضع الخدمات في تلك الأحياء. يفترض ألا يتم السماح ببيع مخطط أو بناء منزل ما لم تكن الخدمات متكاملة، وفي مقدمها المراكز الصحية والمدارس، ولا يكفي وضع أراضٍ لها، فالمشاهد أن تلك الأراضي وفي أحياء قديمة ما زالت أراضي فضاء، بينما يدرس الطلاب في مدارس مستأجرة. إنها قمة الفوضى، أن يستغل المواطن ويلتفت يميناً وشمالاً ولا يجد أراضي بأقل من ألف ريال للمتر في أحياء تفتقد كل شيء. لنأتي إلى وضعي فأنا أسكن في حي المونسية، وأعمل معلماً في مدرسة في حي الملك فيصل، ولم أجد لأبنائي مدارس مجاورة، فاضطررت إلى اصطحابهم معي، علاوة على ابنتي التي تدرس في حي اليرموك، ومثلي كثيرون. أما المراكز الصحية فليس لي سوى المراكز الواقعة جنوب الدائري الشمالي، أي أن شح الخدمات يجبرني على ارتياد طريق الشيخ جابر مرتين أو ثلاث مرات يومياً، يضيع وقتي وجهدي عند تلك الإشارات المرورية المختنقة، وهنا أود أن أتساءل: هل من المنطق أن تظل أحياء شمال شرقي الرياض معزولة سوى من إشارتين مزدحمتين لا تصلحان إلا لرفع مستوى الضغط والسكر؟ منذ أعوام وهذه الأخطاء تتكرر، والمؤلم في الأمر أن وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة تحظيان بموازنة لا تحظى بها دول. ترى هل يحلم السكان ببناء مدارس حكومية ومراكز صحية وهم يرون أحياء قديمة بمدارس ومراكز مستأجرة؟ أظن ذلك ولكن يجب أن يتحسن الأداء ويتم تلافي الأخطاء المتراكمة. إن المأمول من المسؤولين في الوزارات والجهات الحكومية التنسيق، وأشدد على هذه الكلمة حتى يحظى المواطن بحياة كريمة وخدمات متكاملة تتسق وما دفعه لشراء منزل العمر، فلا يكفي أن يتم تخطيط الأحياء وبيع الأراضي في مواقع تفتقد كل شيء.