يُحكى أن أحد المتمشيخين أشعل العالمين العربي والإسلامي الأسبوع الماضي لدعوته للجهاد في سورية، ثم انسل بهدوء لقضاء إجازته في لندن مباشرة من القاهرة، وبدورها اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي على «فيسبوك» بكتاباتها، وعلى «تويتر» بتغريداتها، عن هذا الحدث المستهجن من معظم المغردين والكُتّاب، عدا الأتباع الذين يقدسون ذلك المتمشيخ ويرون فيه قِديِّسا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، خصوصاً وقد اخترع سورة التفاح ولم يردع! وقال عن الرسول «صلى الله عليه وسلم»: «إنه كان يبيع الخمر أو يهديه لجيرانه من اليهود قبل الإسلام ولم يُساءل»! ما جعلهم يزدادون فيه عشقاً كعشق المتصوفين الإلهي، ثم انبروا للمنتقدين سبّاً وشتماً، واتهموهم بالحسد وأن هذا المحسود اصطفاه الله ليثير نيران الغيرة في قلوب حساده والمتربصين به، إلا أن الجانب الآخر من المستهجنين رأوا في ذلك تعّدياً على حدود ولي الأمر الذي لا يجوز لأحد أن يدعوا للجهاد والاستنفار سواه، وتساوى المغردون المصريون والسعوديون في عبارات الاستنكار والاستهجان، ففي الوقت الذي رأى فيه المصريون أن هذه الدعوة من بلادهم، ومن مسجد عمرو بن العاص تحديداً، فيها تعّدٍ على حقوق سيادتهم، ما جعل الأزهر يستنكر تلك الدعوة، وقال شيخ الأزهر: «إن هذه الدعوة إلى الجهاد هي دعوة لسفك الدماء العربية»، وكذلك رفضت التلفزة المصرية الدعوة على قنواتها الخاصة، في الوقت الذي رأى فيه السعوديون أن هذه الدعوة فيها تدمير لشبابنا السعودي الذي لا يزال مترعاً بالجراح في سجون العراق وأفغانستان، من جراء هذه الدعوة القديمة الجديدة من أفواه هؤلاء الذين يحرضون الشباب ويقعدون في قصورهم المرفهة بين أولادهم وأهلهم، ويرسلون أبناء الوطن لحتفهم. أحد المغردين رسم صورة لأحد هؤلاء يقول لأحد أولاده «سأبعثك للدراسة في أميركا»، ويقول لأبناء المواطنين أنتم سأبعثكم إلى الجنة عن طريق الجهاد، لقد استهجن السعوديون هذه الدعوة لأنهم تذوقوا آثارها ونتائجها، فكم من امرأة ترملت، وأطفال تيتمت، وآباء وأمهات لا تزال الحسرة تحرق أحشاءهم بسبب هذه الدعوات التي يتقدم فيها الشباب ويهرب فيها الدعاة، ويزج بالشباب في السجون والتعذيب، والمزايدة على الفدية، ولا تزال الملفات في هذا الشأن لم تُغلق. يذكر أن هذا الداعية قبل الذهاب إلى مؤتمر القاهرة تداول المغردون صوراً له مع اثنين من جماعته يمتطون ظهور الخيول في تركيا عُرفت بمسمى «الفرسان الثلاثة»، ولأجل ذلك طالب المغردون أن يثبت لهم هذا الداعية صدقية تدربه على الخيل، وليتقدم الناس الذين تحمسوا لدعوته، وليكن هو وأولاده في أول الأفواج الملبية لنداء الدعوة، لكنه فضل أن يتجه إلى لندن ما جعل أحد المغردين يتصرف في البيت الشعري العربي المشهور: لا تنه عن خلق وتأتي مثله / عار عليك إذ فعلت عظيم... فكتب/ لا تدع في قتل وتهرب خلفه/ عار عليك إذا فعلت عظيم. أحد المغردين المصريين من خفيفي الدم بالعامية المصرية كتب يقول: «استمعنا إلى دعوة المشايخ في مسجد عمرو بن العاص للجهاد وتحمسنا، بعدها هم ركبوا سيارات مكيفة وراحوا للفنادق الفخمة، وإحنا دقيناها كعابي في الشمس لبيوتنا»، أحدهم كتب يقول: «من تركيا، للقاهرة، للندن، يا حلاوتك، طب خذني معاك ينولك ثواب»، ذّكرني هذا المتفيقه ببرنامج قديم في الإذاعة السعودية كان موجهاً للأطفال تقول مقدمته بالعامية الحجازية: «يُحكى أَنَّ، سعيد ومنّة، صَّلوا الفرضَ، وأدّوا السنّة، لِعبوا شوية، أكلوا الننّة». [email protected] zainabghasib@