الشيخ خرج بالفتوى، وأقسم ثلاثاً أننا الأقوى، وبأن النصر آتٍ لا محالة، أفتتركونه؟ يا للجهالة، يا أرض الكنانة أنتم الأبطال، اذهبوا وموتوا فإليه المآل، اسبقوني، اسبقوني يا قرة عيوني، وأنا خلفكم، سأوسع حلفكم، لأضم إليه الفرنجة، وإن استطعت لاستمع قليلاً إلى عزف الكمنجة، فمن لندن سأقنع بالجهاد من دندن، خذوا على سبيل المثال، سآتيكم بنانسي بنت أبي عجرم، وأدعوها لأنقذها من نفق أظلم، وسألتقي هناك برابح صقر وانتشله من بلاد الكفر، فهو سيحيي حفلته في «البارك لين»، ريحانة قلبي... أخشى عليه من العين، وسأردد عليه: «قلتلك لا تغيب قلتلك خلك قريب لا يشوفك أي واحد والعيون والله تصيب» أما بعد،،، فإنني وبعد أن أعلنت الجهاد، أظنني قد أديت واجبي تجاه العباد، وآن لي أن أستريح لأتفرغ للدعاء لكل قتيل وجريح، واعلموا إخواني أنني مثلكم أعاني، فإن مر ظبي... سباني، وحسادي كثيرون، انظروا ما قاله الكلباني، يريد أن يدعو للجهاد بالياباني، يستخف بدعوتي... يا مهجتي، وذلك يقضي على بهجتي، لا أعلم لماذا الحسد، «قل هو الله أحد». انظروا إلى معلمي القرضاوي، فهو جليل للربيع العربي موالٍ، قد يدعو تارة لقتل الوالي، ثم يتساءل... هل تلك أقوالي، يرتعش قليلاً، يعدل جلسته يشير بسبابته، ثم يتمتم «وأنا مالي». *** مولانا المجاهد الأكبر، يدعو إلى الجهاد، وهو حق، لكن... على ألا يمس أطفالي، يدعو لنسف المنازل، لكن... على ألا يمس بيتي، يدعو لحمل السلاح، لكن... ليس في وجهي، وأخيراً يدعو للذهاب إلى الموت، لا يهم، مادمت سأذهب لمقابلة الشقراوات، وعقد الصفقات، والاستمتاع برائحة البخور التي تبثها الخليجيات في شوارع لندن. مولانا المجاهد الأكبر، يعتقد أن الصراخ على المنبر هو السبيل إلى إحياء العقيدة والدين، وعندما أطلق دعوته كان يدرك أنه في طريقه إلى لندن، لا يهم، ادع الآخرين إلى الموت فحياتهم رخيصة، واذهب لتريح بالك قليلاً، فالقاعدة المرفوعة هنا: «إن لم تستح فاصنع ما شئت». مولانا المجاهد الأكبر، ترى ما السلطة التي تفوضه لإعلان الجهاد، من يمثل؟ ومن هو أصلاً ليذهب ويعلن الجهاد في دولة أخرى، فيما كبار علماء المسلمين يتعاملون بحذر مع هذه القضايا؟ والأهم، هل الدين الإسلامي يجيز لمثله أن يعلن الجهاد؟ ومن مثله لا يحركهم الدين وتعاليمه مثلما يدعون، هو تسويق للذات أمام الآخرين، ومادام هناك من يهلل ويكبر، ومادام لا يجدون من يردعهم فسيذهبون أبعد من ذلك بكثير. *** عندما خرج ليعلن جهاده من على المنبر، تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر: شيخ سعودي يعلن الجهاد من مصر، وعندما غادر الفاتح إلى لندن، تناولت الصحف الغربية خبر: شيخ سعودي يدعو إلى الجهاد ويذهب ليصيف في لندن، الحديث هنا عن سعودي فعل وسعودي قال، وهنا حجر الزاوية، فشيخنا مدعي الجهاد وكل من مثله سقطاتهم تُحسب علينا، وفيما نحن نطالب ونعمل ونأمل أن تتحسن صورتنا أمام العالم، يأتي من يرتكب الحماقات ليحطم كل ما فعلناه. وبالنسبة لإعلان الجهاد و«الشو» الذي قدمه المجاهد الأكبر، كنا قد حذرنا من الوقوع في الفخ الذي نصبته إيران والسيد حسن نصر الله من خلال استفزاز السنة لإشعال حرب طائفية في سورية من شأنها أن تخلط الأوراق كافة في المنطقة، لكن ذلك لم يجدِ نفعاً مع فريق أبعد ما يمكن أن يروه هو «أرنبة أنفهم». عموماً، مجاهدنا الأكبر ذكرني بدعابة تتحدث عن رجل امتهن الكذب بأن لديه القدرة على صيد الأسود، فعندما ألح عليه بإثبات ذلك خرج مع نفر قليل إلى الغابة وطلب منهم نصب خيمتهم ريثما يبحث عن أسد ليصيده لهم، وغاب عن الأنظار، وفيما أتم أولئك النفر نصب خيمتهم، وبينما هم جالسون في أمان الله فإذا بصراخ يأتيهم من بعيد ليظهر صاحبهم وهو يعدو وخلفه أسد، فدخل من باب الخيمة الأول وخرج من الثاني وهو يردد «هذا الأسد الأول» امسكوه ريثما آتيكم بآخر...! [email protected] Saud_alrayes@