لا يكاد يمر يوم في تركيا من دون مشاحنات أو اشتباكات بالسلاح الأبيض داخل إحدى الجامعات بين طلاب يتظاهرون ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) وآخرين ينددون بالتحالف الدولي ضده ويرفضون وصفه بالتنظيم الإرهابي. وبعيد أحداث عين العرب ورفض أنقرة على مدى شهر كامل تقديم المساعدة أو الدعم للأكراد المقاتلين هناك، ازداد التشاحن بين المؤيدين للأكراد، وبين المؤيدين لسياسة الحكومة وموقفها الذين وجدوا أنفسهم في موقف المدافع عن «داعش» من دون أن يزعجهم ذلك. فأعمال التخريب والقتل التي قام بها أنصار «حزب العمال الكردستاني» خلال تظاهراتهم ضد الحكومة وسعت ردة الفعل ضدهم، لكن الغريب في الامر أن ردة الفعل هذه لم تصب في مصلحة الحكومة إنما في مصلحة التعاطف مع «داعش». وانتهزت شركة «غيزي» لاستطلاعات الرأي الفرصة واستطلعت آراء 3300 مواطن في 36 محافظة وسألتهم رأيهم في ما يجري وعن أفضلياتهم الانتخابية. وكشفت الاستطلاعات أن شعبية الحكومة تراجعت من 49 في المئة الى 41 في المئة، بينما ارتفعت شعبية حزب الشعب الجمهوري اليساري قليلاً الى 27 في المئة، وشهد حزب الحركة القومي قفزة كبيرة الى 19 في المئة فيما بقي الاكراد على حالهم عند 8 في المئة. وكشف الاستطلاع عن أمور أخرى غاية في الأهمية، منها أن الناخبين لم تعجبهم فكرة وصول الرئيس رجب أردوغان الى الرئاسة وتركه الحزب رسمياً وإدارته من وراء الستار، كا ان هناك من لم يعجبه اختيار أردوغان لأحمد داود أوغلو خلفاً له. وقالت نسبة 35 في المئة من المشاركين وأنصار الحكومة أنهم لن يصوّتوا للحزب الحاكم مستقبلاً لأن أردوغان ليس على رأسه. كما كشف الاستطلاع أن نسبة 13 في المئة من الاتراك لا يعتبرون «داعش» تنظيماً إرهابياً وهي نسبة مفاجئة في بلد عانى كثيراً من الإرهاب ومن هجمات تنظيم «القاعدة». واعتبر أكثر من 55 في المئة أن الحكومة تدعم «داعش» وتسهل عمله على أرضها، كما كشف الاستطلاع عن تراجع دعم الشارع لعملية الحل السلمي للقضية الكردية مع حزب العمال الكردستاني، اذ قال 72 في المئة أنهم يرفضون المفاوضات الجارية بين رئيس الاستخبارات هاكان فيدان وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان. وأعرب 85 في المئة عن اعتقادهم بأن الحزب الكردستاني يخدع الحكومة ولا نية له بترك السلاح. كما بدا أن الشارع مقتنع بأن الحكومة تتدخل وتوجه القضاء وهو ما أيده 70 في المئة. في المقابل بدأت ظلال قاتمة تخيم على العلاقة بين أردوغان وحزب العدالة و التنمية بعد تململ عدد من النواب ووزراء من أسلوب تعامل أردوغان مع الحكومة ورئيسها خلال أزمة عين العرب وفي العلاقات الخارجية، إذ كانت مهمة الحكومة الشهر الماضي منحصرة في تعديل وتبرير وتأييد مواقف أردوغان التي يفاجئ بها الحكومة من دون تنسيق أو مشاورات، ناهيك عن تدخله في كل صغيرة وكبيرة. وأكدت أوساط داخل الحزب هذه الإشارات واستدلت على الخلاف الذي مازال قائماً بين الرئيس ورئيس الوزراء في شأن تعيين مدير عام للتلفزيون الرسمي الذي بقي شاغراً منذ شهرين لاصرار كل طرف على تعيين أحد المقربين منه في ذلك المنصب المهم.