بعد جفاء وتبادل للاتهامات، تلاها تجميد أنقرة مفاوضات الحل السلمي مع «حزب العمال الكردستاني» وساسة أكراد، عُقد أول لقاء رسمي بين يالتشن أكدوغان، نائب رئيس الوزراء التركي المسؤول عن الملف الكردي، ونواب من «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي، من أجل إعادة استئناف المفاوضات والسماح مجدداً لنواب بزيارة زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان الذي يدير المفاوضات عن الجانب الكردي. واعتبر الوفد الذي رأسه إدريس بالوكان، نائب زعيم الحزب، أن اللقاء كان إيجابياً، مستدركاً أن الحكومة لم تعطِ رداً فورياً على طلبات الوفد، بما في ذلك لقاء أوجلان في سجنه في جزيرة إمرالي نهاية الأسبوع، وإتاحة توسيع الوفد الزائر وكذلك السماح لصحافيين بزيارة زعيم «الكردستاني»، وتحسين ظروف سجنه، من خلال إخضاعه لإقامة جبرية في منزل. واستبق أكدوغان اللقاء معدداً شروط الحكومة لاستئناف المفاوضات، وبينها أن يوقف «الكردستاني» كل «أشكال العنف، بما في ذلك مهاجمة مخافر وقطع طرق وتنظيم تظاهرات تشهد عنفاً وإلقاء قنابل مولوتوف»، ووقف «محاولات فرض حكم ذاتي على القرى و(إقامة) محاكم محلية»، وأن «يعرب أوجلان عن نيته بأن يطلب من حزبه إلقاء السلاح إلى الأبد». وكان رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان عرض على أوجلان خريطة حلّ مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، تشمل تحسين ظروف سجنه وإلقاء «الكردستاني» السلاح ووعود بتسوية سياسية دستورية، على أن يحدث ذلك قبل الانتخابات النيابية المرتقبة الصيف المقبل. لكن أوجلان رفض العرض، معتبراً أنه لا ينصّ صراحة على خروجه من السجن، ولا يحدد موعداً لذلك، كما يربط مصير الحلّ السياسي والدستوري بمساومات حزبية وانتخابية. ووقعت بعد ذلك تظاهرات مؤيدة للدفاع عن مدينة عين العرب (كوباني) الكردية في سورية، كما اغتال «الكردستاني» ضباطاً في الجيش. وأوردت مصادر إعلامية تركية أن الحكومة تواصلت مع أوجلان بعد تلك الأحداث، متعهدة تحسين الخطة المطروحة لتشمل خروجه من السجن، شرط أن يدعو إلى إلقاء السلاح نهائياً قبل الانتخابات، وضمان عدم وقوع أي هجوم مسلّح حتى ذلك الوقت. في الإطار ذاته، حذّر محمد علي شاهين، نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، من تدخّل طرف ثالث في المفاوضات مع الأكراد، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة التي ذكر أنها «تتواصل مع الكردستاني بحجة أزمة كوباني»، منبهاً إلى أن «دخول واشنطن على الخط قد يفجّر العملية بأسرها». وأكد رفض تدخل أي طرف أجنبي في مسيرة الحل السلمي التي اعتبرها مسألة «وطنية». في غضون ذلك، زعمت مصادر إعلامية مقرّبة من «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمر بوضع مسودة قانون لإنشاء وزارة جديدة تضم الجيش والاستخبارات ومديرية الأمن والدرك، تحت اسم وزارة الأمن، يتولاها فيدان بحيث يصبح وزيراً في حكومة أحمد داود أوغلو. واعتبرت المصادر أن أردوغان يسعى عبر ذلك إلى «تأسيس جيش خاص» يتيح له تعزيز نفوذه في الحكومة، من خلال ذراعه اليمنى هاكان فيدان، والسيطرة على مسيرة الحلّ الكردي.