باشر معظم المصارف العراقية الخاصة خفض أسعار صرف الدولار من 1189 ديناراً إلى 1183 ديناراً للمواطنين و1178 للاعتمادات المستندية، في خطوة تهدف إلى دعم إجراءات البنك المركزي العراقي الرامية إلى استقرار سعر صرف العملات الأجنبية. وكان «المركزي» العراقي أعلن في بيان، تسلمه كتاباً من رابطة المصارف العراقية الخاصة تؤكد فيه «التزام ما أعلنته سابقاً عن مبادرة ثلاثة مصارف أهلية لبيع الدولار للمواطنين بسعر أدنى». واعتبر أن المبادرة «تمثل السلوك الطبيعي الذي تتحلى به المصارف العراقية في الوقوف مع اتجاهات السياسة النقدية، وحرص البنك المركزي العراقي مع هذه المصارف على دعم الاقتصاد العراقي ورفع كفاءة الأدوات المالية والنقدية». وتشهد السوق العراقية تقلبات واضحة في سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، على رغم الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والهادفة إلى استقرار سعر الصرف من خلال توسيع منافذ التوزيع، وشمول جميع المواطنين في الحصول على الدولار عبر آليات محددة. وعزا خبراء، التقلّب الحاد الذي يرافق عملية صرف الدولار أمام الدينار العراقي إلى عدم وجود قانون ينظم عملية تحويل العملة الأجنبية في السوق العراقية، ما يسمح بإيجاد فجوات تكون حادة في أحيان كثيرة في العرض والطلب. وحضوا على أهمية «اتباع إجراءات تساهم في استقرار قيمة الدينار العراقي في السوق المحلية، في مقدمها إقرار قانون ينظم عملية التحويل الخارجي والتدقيق في الوثائق التي تقدم بهدف شراء العملة، مع ضخ أكبر كمية في السوق المحلية عبر منافذ متنوعة». وأوضح نائب محافظ البنك المركزي العراقي السابق مظهر محمد صالح في تصريح إلى «الحياة»، أن للفائض التجاري في الحساب الجاري «مردوداً إيجابياً على صعيد تحسين سعر صرف الدينار العراقي، لجهة انعكاساته على قيمة الدينار وليس العكس». وأشار إلى أن السياسة الاقتصادية العراقية حالياً «تقوم على مبدأ حرية التحويل الخارجي بما لا يتقاطع مع أية تحويلات مشبوهة ومخالفة للقوانين المحلية والدولية، مثل تبييض الأموال». وأكد صالح، «الحاجة إلى تنظيم أكثر دقة لعملية التحويل الخارجي الذي يعتمد على موارد النفط». كما رأى «حاجة إلى معالجة تعتمد خيارين هما النمط المركزي الشديد، أو إطلاق الحرية الاقتصادية مع تنظيم أكثر». ولفت إلى «غموض في تحرير الحساب الرأسمالي إلى مدفوعات، ولا نزال نتخوف من هروب رؤوس الأموال، ما يتطلب تشريع قانون ينظم خروج رؤوس الأموال العراقية». وأشار إلى وجود قانون «ينظم دخولها وهي عبارة عن استثمارات، بالتالي حاجتنا إلى قانون لتنظيم خروج رؤوس الأموال العراقية لمنع تضخيم فواتير الاستيراد». وبرزت في الأوساط الاقتصادية المحلية دعوات للبنك المركزي العراقي، إلى «تفعيل سياسته التي بدأ اتباعها منذ فترة من خلال طرح كميات أكثر من السابق عبر منافذ البيع المباشر للمواطنين». وشددت هذه الدعوات على أن «تكون للمركزي سيطرة على المصارف التي تلعب دور الوسيط بين طالب العملة الحقيقي والبنك المركزي، وكذلك التأكد من الوثائق التي يقدمها التاجر». كما طُرحت اقتراحات لتوزيع رواتب الموظفين بالدولار كما هو معمول به في الأردن ولبنان، لأن من شأن ذلك رفع العرض مقابل انخفاض الطلب. إلى ذلك، دعا المدير التنفيذي لرابطة المصارف العراقية الخاصة عبدالعزيز حسون في تصريح إلى «الحياة»، إلى «تشريع قانون يحمي ودائع المواطنين في المصارف المحلية». ولفت إلى أن القطاع المصرفي العراقي الخاص «يملك سيولة كبيرة تمكنه من استثمار أموال المواطنين المودعة لديه، وتحقيق أرباح مجزية في حال عُدّلت القوانين المصرفية على نحو يسمح بذلك». واعتبر أن من شأن «وضع أسس لمواد قانونية، حماية ودائع المواطنين وضمان سلامتها ليس فقط في المصارف الأهلية، بل أيضاً الحكومية». وأوضح أن تشريع «قانون كهذا وتطبيقه ينسجم مع الدعوات المتزايدة إلى تشجيع المواطنين على التعامل مع المصارف إيداعاً واستثماراً». وأعلن أن نسبة الودائع لدى المصارف الحكومية «تتراوح بين 65 تريليون دينار و68 تريليوناً (50 بليون دولار)، منها 22 تريليون دينار ودائع المصارف الخاصة». ويضمّ النظام المصرفي في العراق 43 مصرفاً فضلاً عن البنك المركزي. وتتوزع وفق الملكية بين سبعة مصارف حكومية و30 مصرفاً أهلياً، من ضمنها سبعة إسلامية إضافة إلى ستة مصارف أجنبية. وكان صندوق النقد الدولي دعا البنك المركزي العراقي إلى اتخاذ تدابير تدريجية تفضي إلى تحرير عرض النقد الأجنبي، من خلال مزادات ينفّذها البنك، كي لا تتكرر الاضطرابات التي تعرضت لها سوق المال العام الماضي.