انعكس تردي الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق، وتأخر إقرار الموازنة الفيديرالية، سلباً على الاقتصاد وعلى الاستقرار النقدي إذ يواجه الدينار هبوطاً سريعاً في قيمته. وأعلن المصرف المركزي العراقي بعد انعقاد آخر جلسة لمزاد بيع العملات، زيادة حادة في الطلب على شراء الدولار الذي تجاوزت قيمته 1227 ديناراً بعدما كان قبل أقل من شهر عند مستوى 1219 ديناراً. وارتفعت مبيعات «المركزي» من الدولار إلى 131.2 مليون من 125.8 مليون سجلها في الجلسة السابقة. وتوزع الطلب الكلي على الدولار بواقع 24.6 مليون دولار نقداً و106.5 مليون على شكل حوالات خارجية غطاها المصرف المركزي بسعر صرف بلغ 1179 ديناراً للدولار. وينظم البنك المركزي العراقي خمسة مزادات أسبوعية لبيع العملات الأجنبية وشرائها. «الحياة» تجولت في بعض الأسواق الرئيسية في بغداد، حيث شكا تجار سوق «الشورجة»، أكبر أسواق العاصمة، من تأثير هبوط قيمة الدينار على القطاع التجاري حيث يخشى المستوردون وتجار الجملة التعامل في الظرف الحالي بانتظار استقرار سعر الصرف. وقال التاجر لطيف المياحي: «معظم المواطنين بدأ تخزين كميات كبيرة من الأغذية خوفاً من تأزم الأوضاع الاقتصادية»، مشيراً إلى أن ما تعرضه مكاتب الصيرفة من الدولار أقل كثيراً من حجم الطلب. وتوقّع الخبير في وزارة المال العراقية، أرسلان سالم العباسي، استمرار حال التذبذب ولم يستبعد هبوطاً أكبر لقيمة الدينار. وقال: «تأخير إقرار الموازنة يسبب تراكم طلبات على الدولار سواء لصالح القطاع الحكومي أو الخاص، ما سيسبب تصدعاً كبيراً في قيمة الدينار حينما تتجه الحكومة إلى شراء ما تحتاجه من عملات لتمويل مشاريعها». ودعا المصرف المركزي إلى اتباع خطة مدروسة لاستعادة السيطرة على سوق العملات، والابتعاد عن الخطط السابقة التي أثبتت فشلها. وعن دعوة بعض الخبراء ونواب البرلمان إلى أتباع طريقة فتح الأبواب للمصارف لإقامة المزادات إلى جانب المصرف المركزي، قال العباسي أن «هذا الأمر سيكون أشبه بدعوة رسمية للمافيا الدولية لتبييض أموالها في العراق، كما ستكون فرصة ذهبية لإيران للحصول على ما تحتاجه من الدولار». وأضاف: «احتياط المصرف المركزي تجاوز 67 بليون دولار وهي أموال ضخمة، تمكّنه من اتخاذ تدابير للسيطرة على أسعار الصرف في الأسواق المحلية». وسبق أن أبدى رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي تخوفاً من دفع المصارف العراقية مبالغ كبيرة جداً من مصادر العملة المحلية لشراء تلك الكميات من الدولار من البنك المركزي. وأوضح في بيان أن «دفع المصارف العراقية مبالغ كبيرة جداً لشراء الدولار يثير المخاوف من مصادر العملة المحلية التي تم توفيرها لشراء تلك الكميات من الدولار من المصرف المركزي». وأضاف: «ديوان الرقابة المالية والبنك المركزي العراقي مطالبان بالتدقيق في حسابات الزبائن الذين اشتروا كميات كبيرة من العملة الصعبة.