أكد مسؤولون أردنيون ل «الحياة» أن بلادهم وضعت «قسراً» في قلب العاصفة السورية، بفعل قرار الولاياتالمتحدة الأخير بدعم قوات المعارضة السورية ومدها بالسلاح. واعتبر هؤلاء أن المملكة المثقلة بالديون والتي تعتمد على المساعدات الخارجية، وتعاني احتجاجات مطلبية وسياسية، ولو بشكل أقل مما شهدته دول مجاورة خلال انتفاضات «الربيع العربي» قد تجد نفسها في غضون الفترة المقبلة «وسط حرب ساخنة تغذيها دول إقليمية كبرى». وربما تجد عمان نفسها أيضاً محور ارتكاز إقليمي، ونقطة عبور حيوي لتمرير السلاح الأميركي إلى الثوار «المعتدلين»، بعدما احتضنت قبل أيام أضخم مناورات عسكرية منذ أكثر من عقدين، تشارك فيها قوات أميركية ومتعددة الجنسية، على بعد 120 كيلومترا فقط من الحدود الأردنية - السورية. وفتح الملك عبد الله الثاني الذي بدأ امس زيارة لبريطانيا ستركز على سورية، الباب أمام كل الاحتمالات، لحماية الأردن ومصالح شعبه، كما قال في حديثه الأخير عن الوضع السوري، معتبراً أن الأزمة السورية «فرضت على الأردن معطيات صعبة جداً. وإذا لم يتحرك العالم ويساعدنا كما يجب، أو إذا أصبح هذا الموضوع يشكل خطراً على بلدنا، فنحن قادرون في أي لحظة على اتخاذ الإجراءات التي تحمي بلدنا ومصالح شعبنا». وتزامنت تصريحاته الملك مع قرار إبقاء بطاريات صواريخ «باتريوت» المضادة للصواريخ وطائرات «أف- 16» الأميركية في الأردن. ولم يحدد المسؤولون الأميركيون عدد المقاتلات أو البطاريات أو أماكن نشرها على الأراضي الأردنية. وسألت «الحياة» الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير محمد المومني عن هذه المعلومات، فأجاب أن الحكومة «لا تستطيع الكشف عن أمور عسكرية سرية». يأتي ذلك فيما فرض الجيش الأردني خلال اليومين الماضيين حال الطوارئ القصوى بين صفوفه، خصوصاً داخل القطاعات العسكرية التابعة القيادة الشمالية المجاورة لسورية. وقال مساعدون حكوميون ل «الحياة» اشترطوا عدم ذكر أسمائهم إن الجيش «كثف دورياته قبالة الحدود مع سورية (البالغ طولها 370 كيلومتراً) وفرض حال الطوارئ من الدرجة الأولى، كما حد كثيراً من منح الإجازات للضباط والأفراد». وأضافوا أن المؤسستين العسكرية والأمنية «قدمتا خططاً عسكرية جديدة لتطوير القدرات الدفاعية ومواجهة أي أخطار محتملة». وأكدت مصادر أخرى ل «الحياة» وجود انقسام حاد داخل دوائر القرار الأردنية في التعامل مع تطورات الملف السوري، حيث يرى فريق أن نظام بشار الأسد نجح في إضعاف قوات المعارضة التي بدا أنها «تتهاوى» خلال الآونة الأخيرة، وأن على الأردن التعامل مع الواقع الجديد عبر إعادة خطوط الاتصال مع دمشق. لكن فريقاً آخر يرى عكس ذلك، معتبراً أن على المملكة المضي في السعي إلى حل سياسي للأزمة السورية، يفضي إلى انتقال سلس للسلطة، وقبل ذلك التماهي مع القرارات الدولية والإقليمية، وخصوصا الأميركية، مهما كانت حدتها. وقال ماهر أبو طير المعلق السياسي القريب من دوائر صنع القرار ل «الحياة»، إن العاهل الأردني «تعمد ارتداء البزة العسكرية أثناء خطابه، وتعمد أيضاً أن يوجهه على أرض شهدت معركة تاريخية (مؤتة)، وأمام ثلة من القيادات العسكرية وأفراد الجيش، وإلا لكان ألقاه في العاصمة عمان». لكن محمد أبو رمان الباحث والمعلق السياسي في «مركز الدراسات الاستراتيجية» في الجامعة الأردنية رأى أن الملك «أرسل عبر خطابة إشارات مهمة إلى الغرب والأميركيين بضرورة مساعدة الأردن مالياً، وإلا سيضطر إلى غلق حدوده نهائيا، لوقف تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى أراضيه». وتحدث فارس الفايز، وهو خبير عسكري ولواء متقاعد في الجيش الأردني، عن انخراط الأردن «بطريقة غير مباشرة» في دعم قوات المعارضة السورية، لنشره مقاتلات وبطاريات أميركية على أراضيه. وقال: «ما من شك في أن عمان ستكون نقطة ارتكاز لأي عمل عسكري ضد سورية، والسبب قربها الجغرافي وتحالفها التاريخي مع الولاياتالمتحدة، لكنها ستحافظ على أدوار غير معلنة».