يرد اليوم الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى على مناقشات 389 نائباً في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، بعد خمسة أيام خصصت لطرح أسئلة حرة على الحكومة عن خطة عملها للسنوات الخمس المقبلة. وسارت المناقشات في نسق واحد بحكم استحواذ أحزاب التحالف الرئاسي على غالبية المقاعد، لكن النائب نور الدين آيت حمودة من حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» المعارض أثار «زوبعة» أمس، بمساءلته أويحيى عن مكان القياديين السابقين في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» حسان حطاب و «عبدالرزاق البارا». ولن تكون مهمة أويحيى صعبة في جلسة اليوم المخصصة للإجابة على مجمل مناقشات النواب، إذ انشغل معظم أعضاء البرلمان، خصوصاً من أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم) في تهنئة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالفوز بولاية رئاسية ثالثة، وتجاهلوا جوهر الخطة الحكومية المعروضة أصلاً للنقاش. وأنقذ تفادي حزب «العمال» المعارض الدخول في تفاصيل الخطة الحكومية، الوزير الأول من المناقشات الجادة في البرلمان، بسبب انشغال نواب الحزب في «معركة كلامية» مع نواب حزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني»، على خلفية الصراع الدائر منذ فترة بين رئيس المجلس عبدالعزيز زياري (من الجبهة) وزعيمة «العمال» لويزة حنون، التي تتهمه بالوقوف وراء «آلة انتقامية» ضد حزبها «لتكسير كتلته البرلمانية». وفي اليوم الأخير لمناقشات النواب، وجّه أمس النائب حمودة اتهامات للحكومة، وتطرق في مداخلته إلى ملفات تصنف في أجهزة الدولة على أنها من «المحظورات». وقال لأويحيى: «تحدثتم في مخططكم عن حماية رموز الثورة وهو كلام جميل نسمعه منذ العام 1962، لكن كيف تفسرون الاغتيالات التي وقعت في حق العقيد شعباني، كريم بلقاسم، سي الحواس وأحمد مذغري؟». ومعروف عن حمودة طلبه المستمر كشف مكان دفن والده «العقيد عميروش»، وهو أحد شهداء الثورة الجزائرية، كما فجر قبل بضعة شهور جدلاً واسعاً في شأن «الرقم الحقيقي لشهداء الثورة»، و هو الجدل الذي كان بين أسباب دفعت بالرئيس بوتفليقة لإضافة مادة إلى الدستور تنص على «حماية رموز الثورة ومقدساتها» خلال التعديلات الأخيرة قبل نهاية العام الماضي. وعمت الفوضى البرلمان وقاطع نواب «التجمع الوطني الديموقراطي»، حزب الوزير الأول، مداخلة حمودة الذي طالبهم بالتوقف عن «المزايدة باسم ملف الوطنية». وقال لنواب التجمع: «أين كنتم عندما طلب حزبنا من الجزائريين النهوض لمحاربة الإرهاب؟... البعض فضل الفرار إلى الخارج والبعض الآخر فضل الاختباء». وتوجه إلى الوزير الأول، مطالباً بكشف مكان مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» حسان حطاب، ونائبه «عبدالرزاق البارا». ثم قال حمودة المعروف بخصومته مع التيار الإسلامي متهكماً: «الخوف كل الخوف أن أشاهد هؤلاء على نشرة التلفزيون، يستفيدون من منحة وزارة المجاهدين».