يساور القلق قياديين في حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الغالبية في الحكومة والبرلمان الجزائريين، وكذلك قادة التجمع الوطني الديموقراطي، ثاني قوة سياسية في البلاد، من احتمال استمرار «الفراغ» القائم حالياً على مستوى الأمانة العامة للحزبين إلى غاية الفصل في مرشح الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما يعني أن الحزبين سيدخلان معركة الرئاسة وهما مشتتان. وتشير قراءات مختلفة إلى أن النخب الحاكمة ليست على عجلة من أمرها في إنهاء الأزمة داخل الحزبين بقدر ما كان يهمها إبعاد مسؤوليهما عبدالعزيز بلخادم وأحمد أويحيى، وهو ما تم خلال الأسابيع الأخيرة. ولا يبدو حزبا «الموالاة» - جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي - على بيّنة من أمرهما لاختيار الشخصية التي يمكن أن تخلف كلاً من عبدالعزيز بلخادم وأحمد أويحيى اللذين أقيلا إثر حركة «تصحيحية» دعمتها إلى حد ما دوائر نافذة في السلطة، على ما يتردد في أوساط سياسية جزائرية. لكن هذا التأثير في إبعاد بلخادم وأويحيى يبدو أنه توقف عند حدود إحداث فراغ وسط أكبر الأحزاب الجزائرية، في سيناريو ربما يكون مقصوداً لإبعاد الحزبين عن اختيار المرشح المقبل للرئاسيات، حتى ولو كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة نفسه إذا قرر الترشح لولاية رابعة. وتدريجياً لم يعد للجبهة أو التجمع أي دور في النقاش العام السائد في البلاد، وغاب الحزبان عن نقاش الحراك الاحتجاجي في الجنوب وملفات الفساد في كبرى الشركات الحكومية وصولاً إلى السجال المتنامي حول الرئاسيات المقبلة، وبروز شبه تكتل حزبي يرفع شعار رفض الولاية الرابعة لبوتفليقة. ومن صدف الرئاسيات المقبلة أن تعيش جبهة التحرير والتجمع الوطني معاً أزمة «شرعية» حول القيادة، في سيناريو مختلف تماماً عن المواعيد الرئاسية الثلاثة الأخيرة والتي فاز بها عبدالعزيز بوتفليقة بدعم واضح من هذين الحزبين ومن مؤسسة الجيش وعدد كبير من الأحزاب إضافة إلى جمعيات أبناء الشهداء والمجاهدين، والكشافة الإسلامية، ونقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والزوايا ونقابات طلابية. والملفت أن هذه المنظمات الجماهيرية كلها مرتبط بحزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني، وهي لا تشارك بدورها في النقاشات الدائرة حول ظروف الانتخابات الرئاسية التي تُجرى بعد 12 شهراً.