استعادت بلدة عرسال اللبنانية هدوءاً في جرودها الحدودية مع سورية، ما سمح بدخول المزيد من النازحين السوريين من منطقة القصير إليها والمزيد من الجرحى، في وقت لم يتمكن الصليب الأحمر اللبناني لليوم الثالث على التوالي من الوصول إلى البلدة لنقل 34 جريحاً إلى مستشفيات بقاعية بسبب رشق سيارات الإسعاف التابعة له بالحجارة في منطقة اللبوة. وتعج عرسال بالنازحين الذين يفترشون العراء في ظل حضور خجول للمنظمات الدولية لإغاثة النازحين. وعبر عضو مجلس بلدية عرسال وفيق خلف، عن «ارتياح أهالي البلدة للخطوات التي اتخذها رئيس الجمهورية ميشال سليمان إزاء الخروق السورية والتي من شأنها طمأنة السكان»، وأكد لوكالة «الأنباء المركزية» تأييد الأهالي «المطلق لقرار الجيش الرد على مصادر النيران». وزار مفتي بعلبك - الهرمل الشيخ أيمن الرفاعي بلدة عرسال على رأس وفد علمائي، وقدم التعازي للشيخ مصطفى الحجيري، شقيق المغدور علي أحمد الحجيري الذي قتل في جريمة وصفت بأنها غير سياسية. ورأى المفتي الرفاعي في تصريح أن «بلدة عرسال تقوم بدورها الديني والأخلاقي تجاه النازحين السوريين، وهذا الدور تكاد وزارات الدولة مجتمعة تعجز عن القيام به، وإننا نستنكر قصف المروحيات السورية بعض أحياء البلدة، فهذه الطائرات أخطأت الهدف والمكان، كما أننا ندين استهداف أي منطقة في لبنان، ونحن ضد الإساءة لأي مدني في لبنان من أي جهة كانت». ورفض «محاولة تصوير عرسال بأنها معادية للجوار أو لديها مشاكل مع ما وراء الحدود»، وقال: «بلدة عرسال لا يمكن إلا أن تكون متجانسة مع جوارها، وهي على علاقة طيبة مع كل شرائح منطقة بعلبك - الهرمل». وثمن المفتي الرفاعي «موقف عشيرة آل ناصر الدين التي تبرأت من أي إنسان يثبت تورطه في هذه جريمة قتل الحجيري». ورأى «أن تهمة الإرهاب لعرسال تشير إلى إعادة فتح ملف شبيه بملف الموقوفين الإسلاميين، وهو أمر مرفوض»، متمنياً «التعاطي بمسؤولية وشفافية وعدم رمي التهم جزافاً». وأكد أن «رهاننا على المنطقة ووعي أهلها وحس المسؤولية المرتفع لديهم، وليس لنا خيار غير الدولة ومؤسساتها راعياً وحامياً وضامناً لجميع المواطنين». وعما تعرض له الجيش اللبناني في عرسال من اعتداءات قال الرفاعي: «أهلنا في عرسال أكدوا وقوفهم إلى جانب الجيش، وأي تعرض له مدان من قبلهم». مفوضية اللاجئين وفي مجال إغاثة النازحين، أعلن إعلام مفوضية الأممالمتحدة العليا للاجئين في بيان، أن « لبنان يقف أمام مفترق طرق خطير وبحاجة للمساعدة، والحقيقة المُرة تظهر التدفق الهائل للنازحين السوريين، والذي تجاوز وفق تقديرات المفوضية حدود ال 500 ألف نازح مسجل لديها ينتشرون في أكثر من 1400 ناحية وبلدة في وطن لا يزال يتعافى من الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة، ما يشكل عبئاً كبيراً». وجاء في بيان المفوضية، أن «لبنان يتطلع إلى الدول الصديقة والمجتمع الدولي لمساعدته في مواجهة هذه الأزمة. ومن المقرر عرض الخطة التي أعدتها الحكومة اللبنانية بالتعاون مع المنظمات الدولية لمعالجة التداعيات الإنسانية الخطيرة للأزمة وانعكاساتها على النازحين السوريين والمجتمع اللبناني الثلثاء المقبل في مقر رئاسة مجلس الوزراء في السراي الكبيرة بمشاركة المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتييريز». وفي السياق، انتقد رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون «ترك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحدود (مع سورية) من دون ضوابط، فعكار وطرابلس وعرسال هي من لبنان وليست من سورية»، لافتاً إلى «أننا حذرناه عندما زار الأميركيون لبنان أنهم يحضرون لإقامة منطقة عازلة ولم يتنبه». وقال خلال احتفال بتدشين طريق بعبدات – عينطورة: «الحكومة فيها اختصاص، أي وزير دفاع ووزير داخلية، ولم نرَ حتى اليوم أنهما اتخذا قراراً أساسياً لمعالجة هذا الموضوع»، معتبراً «أن مع الإهمال الحكومي أصبحت الحدود خارج السيطرة وأصبحت الحدود الشمالية تشبه الحدود الجنوبية، وكأن القوى المسلّحة مشلولة ويبعد قرارها عن الصراط المستقيم». ورأى عون «أن النتيجة كانت بدء الخطف المجاني بين الهرمل وعرسال، وهنا شعرنا أن الأمر بات خطيراً، ولكن لا سلطة تمنع، وكل شيء أصبح على بركات الله»، مشيراً إلى «أن ما حصل في البقاع أعاد «حزب الله» إلى حيث بدأ»، مشدّداً على «أنني كنت ضدّ التدخل في سورية، لكني لا أستطيع أن أمنع أحداً من الدفاع عن الحدود».