غداة إطلاق شرطة مكافحة الشغب في تركيا الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه بلا انقطاع لفترة أكثر من 18 ساعة، لطرد المعتصمين ضد الحكومة من «ساحة تقسيم» وسط إسطنبول، التقى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان «ممثلين» للمحتجين في حديقة «غازي بارك» التي أطلق مشروع بناء فيها شرارة الأزمة قبل 13 يوماً. لكن «تنسيقية تقسيم»، الجهة المنظمة الرئيسة للاحتجاج، وصفت الاجتماع بأنه «زائف، إذ لم يدعَ أيُّ ممثل منا إليه». وأكدت التنسيقية أن «أي اجتماع لن يعطي نتيجة مع استمرار الشرطة في استخدام العنف»، علماً أن ضباطها أنهوا حركة اعتصام في متنزه كوغولو بالعاصمة أنقرة، بعدما هددوا باستخدام القوة ضدهم. وفي مؤشر جديد لتشدد أردوغان في مواجهة الأزمة، غرّم المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون في تركيا قنوات تلفزيونية بحجة «إلحاقها أذى بالنمو النفسي والأخلاقي والجسدي للأطفال، عبر بث احتجاجات حديقة غازي بارك». وشمل القرار محطة «هالك تي في»، التي بثت -بخلاف وسائل إعلام أخرى- أحداث إسطنبول في شكل متواصل، علماً أنها كانت أُنذرت سابقاً بسبب «فيديو مهين» لأردوغان. ورغم مطالبة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليتشداراوغلو الرئيس عبد الله غل، باعتباره «أكثر اعتدالاً»، إلى جمع كل الأحزاب لمحاولة الخروج من الأزمة، اتخذ الرئيس موقفاً مماثلاً لأردوغان من الأزمة، بإعلانه أن «الحوار مطلوب، لكن ليس مع من خرجوا إلى الشوارع ونظموا احتجاجات عنيفة». وقال غل خلال زيارته مدينة ريز المطلة على البحر الأسود: «إذا كان لدى الناس اعتراضات، فلنبدأ حواراً معهم، لأن واجبنا سماع ما يقولونه. أما التعامل مع من يلجأون للعنف فمسألة مختلفة، إذ يجب أن نحددهم ونقطع الطريق أمام أعمالهم، التي لا أعتقد بأنها مسموحة في نيويورك أو في برلين». ووصف وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلله، مشاهد العنف في «ساحة تقسيم» بأنها «مقلقة»، مضيفاً أن «الحكومة التركية ترسل إشارة خاطئة إلى الداخل وأوروبا عبر رد فعلها على الاحتجاجات، في وقت يجب أن تهدئ الوضع وتجري حواراً سلمياً». أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، فقال إن «باريس تأمل بالتهدئة وضبط النفس وإيجاد حل بالحوار»، موضحاً أنه يخشى أن تكون السلطات تلعب ورقة «تدهور الوضع». ومنذ صباح امس، اليوم ال13 للاحتجاجات ضد أردوغان، خضعت «ساحة تقسيم» لسيطرة أعداد كبيرة من رجال الأمن تحصنوا خلف مدافع مياه على مدخل كل الشوارع المتفرعة. وأزيلت الأعلام واللافتات والحواجز والسيارات المحروقة وعبوات الغاز المسيل للدموع المستخدمة، أي كل مظاهر الاحتجاجات والمواجهات الكثيفة التي استمرت حتى الفجر، وأوقعت عشرات الجرحى، إصابات بعضهم حرجة. وأشارت ممرضة متطوعة إلى معالجة حوالى 500 شخص في مراكز العناية الميدانية التي فتحت في محيط «ساحة تقسيم». وتظاهر أكثر من ألفي محامٍ أمام قصر العدل في إسطنبول، للاحتجاج على احتجاز اكثر من 60 من زملائهم كانوا تظاهروا أول من امس ضد اقتحام الشرطة «ساحة تقسيم». ورددوا هتافات مثل «تقسيم في كل مكان، «مقاومة في كل مكان»، «استقلْ أيها المدعي العام». وقال رئيس نقابة محامي إسطنبول، أوميت كوكاساكال، إن «الإرهاب الذي تمارسه الشرطة يجتاح تركيا، وهو مرتبط باستفزازات الحكومة». وأضاف أن «الاستخدام غير الشرعي للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي يتجاهل سلامة المواطنين، ونحن لسنا بعوضاً لنقتل بغاز بل بشر». كما نظمت نقابة المحامين في أنقرة احتجاجاً مماثلاً. ووصف نائب نقيبها سما أكسوي، احتجاز المحامين بأنه «اعتداء على كل محامٍ في تركيا».