يشهد الأردن منذ 4 أيام تراجعاً كبيراً في أعداد السوريين الهاربين من لهيب حرب أهلية طال أمدها، فيما أكد مسؤولون أردنيون ل «الحياة» اتخاذ حكومتهم قراراً غير معلن، بإغلاق عشرات نقاط العبور غير الشرعية بين البلدين و «تقنين» حركة الدخول عبر نقاط أخرى. وقال موظفو إغاثة أردنيون وسوريون وقيادات عسكرية تتبع قوات المعارضة السورية ل «الحياة» إن بعض نقاط العبور يغص بآلاف اللاجئين «بعدما رفضت السلطات الأردنية إدخالهم من دون أن تبدي أسباباً واضحة». وأضافوا أن القرار الأردني «تسبب بكارثة إنسانية على الحدود»، وإن من بين أفواج العالقين «جرحى مدنيين ونساء وأطفالاً، إلى جانب طاعنين في السن، يعانون نقص الغذاء والدواء». وأظهرت مقاطع فيديو حصلت عليها «الحياة» مشاهد صادمة لأمهات وأطفال يفترشون أرضاً قاحلة قرب الحدود السورية مع الأردن، بعدما منعوا من دخول مخيمات اللاجئين المشيدة داخل قرى المملكة الشمالية. وقال علي الدرعاوي (45 سنة) من قرية حيط ل «الحياة» عبر الهاتف «منذ 4 أيام ونحن عالقون قرب الحدود السورية - الأردنية، هرباً من موت محتم. أهينت كرامتنا ونفد غذاؤنا وشرابنا ومنعنا العبور من دون إبداء السبب». وتساءل آخر يدعى محمد الرفاعي (60 سنة) إلى أين سيذهب، مضيفاً انه سينتظر «الفرج». وتحدثت سيدة طاعنة بصوت متهدج: «هربنا من ظلم (الرئيس السوري) بشار (الأسد) إلى ظلم أهلنا وإخواننا. أرجوكم ساعدونا». وقال مقاتلون يتبعون قوات المعارضة السورية يتولون تأمين عبور اللاجئين إلى الحدود الأردنية، إنهم أجروا اتصالات مكثفة مع ضباط أردنيين، لمعرفة أسباب المنع من دون جدوى. وأوضح القائد في «الجيش الحر» محمد الحريري ل «الحياة» إن قرار غلق بعض نقاط العبور وتقييد عدد الداخلين عبر نقاط أخرى، أدى إلى «تكدس مجاميع كبيرة من اللاجئين، خصوصاً داخل منطقة تل شهاب التابعة لدرعا»، لافتاً إلى صعوبة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها النازحون جراء نقص الإمدادات الغذائية والطبية وانقطاع مادة الطحين. وأضاف: «أبلغنا ضباط أردنيون قبل يومين بأن الإغلاق سببه الاحتفالات بعيد الجيش». وتابع: «الوضع داخل القرى الحدودية صعب للغاية. البيت الواحد يستقبل أكثر من عائلة. وتغص المساجد والمدارس والكهوف بآلاف اللاجئين». واستطرد: «حتى المدنيين الذين يسعون للعلاج أعيدوا، باستثناء المصابين بجروح خطرة». من جهته، قال زايد حماد رئيس جمعية «الكتاب والسنة» الأردنية التي تعنى بإغاثة نحو 200 ألف لاجئ سوري، إنه لا يملك معلومات رسمية عن منع عبور اللاجئين. لكنه أوضح أن عدد السوريين على الأرض الأردنية بات يناهز المليون، وسط نقص الإمدادات والمساعدات الدولية، قائلاً: «لسنا مع إغلاق الحدود مطلقاً، لكن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته». وتشهد قرى درعا الحدودية، لا سيما المحررة منها منذ أسابيع، نزوحاً هائلاً للهاربين من مدن سورية أخرى. ويصل هؤلاء يومياً إلى قرى نصيب وتل شهاب وحيط القريبة من الحدود الأردنية. وأغلق الأردن الشهر الماضي نحو 45 نقطة حدودية تربطه بجارته الشمالية، لأسباب أمنية. وكان الأردن يستقبل قبل القرار الأخير قرابة 1500 لاجئ يومياً في المتوسط. ونفى مسؤولون أردنيون وجود قرار بإغلاق بعض نقاط الحدود، وقال الناطق الحكومي باسم اللاجئين السورين أنمار الحمود ل «الحياة» إن بلاده «لم تغلق الباب بوجه أحد. لقد استقبلنا يوم الثامن من الشهر الجاري قرابة 179 سورياً، وفي اليوم التاسع 76». وعن تراجع حدة اللجوء، أجاب: «لسنا من يسأل عن ذلك، وظيفتنا تتمثل فقط باستقبالهم». لكن موظفين اشترطوا عدم ذكرهم، قالوا ل «الحياة» إن الحكومة اتخذت قراراً غير معلن بغلق بعض نقاط العبور غير الشرعية، لضبط عمليات التدفق التي لم يعد بمقدور الأردن تحملها. وأكد هؤلاء سعي بلادهم إلى تقنين العبور اليومي من دون غلق النقاط الحدودية كافة، لتفادي مواجهة محتملة مع المؤسسات الدولية. وأكد أحد المساعدين أنه لا يعلم إن كانت عمان ستصر على هذه الخطوة حتى النهاية. لكنه اعتبر أنها توضح عدم قدرة المملكة التي تفتقر إلى الموارد وتعتمد على المساعدات الخارجية استيعاب مزيد من النازحين. وقال ناطق باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة الأممالمتحدة قبل أيام إن معاناة اللاجئين المتزايدة تؤكد وجوب تكثيف الدعم داخل سورية، عبر إنشاء ممرات إنسانية، لتخفيف الضغط عن المملكة.