تجددت أعمال القصف والاشتباكات بين القوات النظامية السورية والجيش السوري الحر داخل القرى السورية المجاورة للأردن. ورصدت «الحياة» خلال جولة ميدانية على الحدود الأردنية السورية، تصاعد أعمدة الدخان المنبعثة من مناطق تل شهاب وحيط المطلة على بلدات أردنية عدة، لا سيما بلدة الذنيبة المتاخمة للأراضي السورية. وعاشت منطقة وادي نهر اليرموك التي تفصل مناطق الحدود الأردنية عن سورية، اشتباكات متقطعة بين الجيشين الأردني والسوري لساعات ليل أول أمس، بعد أن قصف الجيش السوري مناطق حدودية بين البلدين أثناء مرور عدد محدود من اللاجئين. وأكد سكان محليون في بلدة الذنيبة الأردنية ل «الحياة»، سماعهم أصوات انفجارات منذ صباح أول أمس واهتزاز العديد من المنازل جراء القصف المستمر. وأكد مسؤولون أردنيون وآخرون في المعارضة السورية ل «الحياة»، «تراجع أعداد اللاجئين الفارين إلى المملكة، بسبب الحصار المفروض على المنافذ الحدودية منذ يومين». وقال ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في عمان أندرو هاربر ل «الحياة»، إن «الوضع الأمني بالقرب من الحدود الشمالية الأردنية يشهد اشتباكات وصدامات هي الأعنف، حيث يحاول الجيش النظامي السوري السيطرة على القرى الحدودية بشكل كامل، مما يؤثر على أعداد اللاجئين باتجاه الأردن». فيما أكد زايد حماد رئيس جمعية (الكتاب والسنة) الأردنية، المعنية بشؤون اللاجئين السوريين ل «الحياة» أيضاً، انخفاض أعداد اللاجئين إلى أدنى مستوى منذ بداية الثورة في سورية، وقال إن «عدد الذين عبروا الأردن لا يتجاوز 15 شخصاً طيلة يوم أمس». ووصل عدد اللاجئين إلى الأردن في بعض الأيام إلى حوالى 5 آلاف لاجئ، فيما وصل الحد الأدنى إلى 700 لاجئ يومياً. وقال القائد الميداني في الجيش الحر محمد الرافعي ل «الحياة» عبر الهاتف من سورية، إن «العبور إلى الأردن حالياً أشبه بمجازفة غير محسومة العواقب، بسبب التعزيزات العسكرية والأمنية على الحدود». وأضاف: «هناك نحو 30 ألف عسكري نظامي وصلوا إلى القرى السورية الحدودية لتطويقها ومنع نزوح العائلات إلى الأردن». ووصف الرافعي المنطقتين الغربية والجنوبية في مدينة درعا القريبة من الأراضي الأردنية، بأنها «معزولة عن كل سورية». وأكد أن «الدبابات والصواريخ تدك القرى، فيما تقوم وحدات تابعة للجيش النظامي بإحراق المنازل في منطقة تل شهاب المجاورة للأردن أيضاً». وكشف المسؤول الميداني عن فرض حصار مشدد من قبل الجيش النظامي على وادي حيط، الذي يعد أحد أبرز معاقل الجيش الحر والمطل على قرية الذنيبة الأردنية، أن «عدداً من العائلات التي كانت تحاول الفرار حوصرت داخل الوادي، قبل أن نعمل على تخليصها». وأشار إلى أن بلدة العمان المحاذية لقرى أردنية، تتعرض هي الأخرى لقصف مكثف من طائرات حربية تقوم بإلقاء براميل متفجرة (TNT) على طول الطريق المؤدي إلى الحدود الأردنية غير الشرعية. كما تحدث الرافعي عن مشاهد صادمة لعائلات سورية لقيت حتفها خلال محاولاتها المتكررة عبور الأردن، مشيراً إلى أن وحدات من الجيش الحر تعمل على سحب جثث اللاجئين التي تسقط برصاص الجيش النظامي على حدود البلدين بشكل يومي. ولفت إلى أنه شارك في انتشال 20 جثة لعائلات كانت تحاول الفرار، قبل أن تتعرض لإطلاق النار من جهة قناصة يعتلون أسطح المغافر السورية المحاذية لقرية الذنيبة. وشاهدت «الحياة» غير مرة عمليات مرور المئات من اللاجئين السوريين إلى الأردن عبر وادي اليرموك، الذي يمثل واحدة من أكثر الطرق صعوبة على اللاجئين. ويضطر هؤلاء إلى نزول الوادي السحيق من قرية حيط السورية، قبل أن يبدأوا رحلة الصعود نحو الأراضي الأردنية التي تستغرق ساعات عدة. وتنشط مركبات عسكرية تابعة للجيش الأردني بالنزول إلى الوادي الذي يمر به نهر اليرموك ويقع فيه سد الوحدة بين الأردن وسورية، لتحمل النساء والأطفال، في حين يضطر الشبان لصعود الوادي على أقدامهم إلى جانب كبار السن. ويتشارك الأردن وسورية بحدود يزيد طولها عن 370 كيلومتراً. وتؤوي المملكة أكثر من 200 ألف سوري منذ بدء الأحداث في الجارة الشمالية في آذار (مارس) 2001.