تعاون بين السعودية وهونغ كونغ لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود    الكويت في يومها الوطني.. نهضة شاملة تؤطرها «رؤية 2035»    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي في واشنطن تعزيز العلاقات والشراكة الإستراتيجية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    الاتحاد السعودي للسهام يتوّج الفائزين في منافسات «السهم الأسود»    إستراتيجيات فعالة للتعامل مع الزوج العصبي !    مليار ريال لمستفيدي «سكني»    شهر الأسواق والمسلسلات    نيابة عن خادم الحرمين.. أمير الرياض مفتتحًا منتدى الرياض الإنساني": مركز الملك سلمان قدم مساعدات لملايين من الفئات المحتاجة    ترامب: واشنطن تجري مباحثات جدية مع بوتين.. الحرب الروسية – الأوكرانية تقترب من النهاية    السودان: الجيش يسيطر على جسر سوبا    الشرع يتلقى دعوة للقمة العربية.. والاتحاد الأوروبي يعلق عقوباته على دمشق    الجغرافيا تتلاحم بالتاريخ    في الجولة ال 22 من دوري روشن.. قمة تجمع الأهلي والقادسية.. والهلال لمداواة الجراح أمام الخلود    العروبة يتغلب على ضمك.. والفتح يواصل صحوته    وزير الداخلية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة يبحثان الموضوعات المشتركة    صدام ناري بين أتلتيكو وبرشلونة    1373 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    جريمة تهز باريس.. أمريكية تلقي بمولودها من نافذة فندق    نوه بالدعم غير المحدود من القيادة لخدمة كتاب الله .. وزير الشؤون الإسلامية: 7 ملايين ريال للفائزين بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    يوم التأسيس "مكان التاريخ"    «وِرث» يجسّد الفنون التقليدية في سباقات الخيل    بريد الهوى    هيئة التراث توثق «المنشآت الحجرية»    تعزيزاً للأمن الغذائي وسلاسل الإمداد.. 80% حصة «سالك» في «أولام الزراعية»    اختلاف طباع الناس    الصحة تؤكد على التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل العمرة    غزارة الدورة الشهرية (1)    الصحة: فيروس ووهان ليس جديداً ولا يشكل خطراً حالياً    وزارة الصحة تؤكد أهمية التطعيم ضد الحمى الشوكية قبل أداء العمرة    الارتقاء بصناعة الخير    خطة جوزيف بيلزمان لغزة تستثير الموقف العربي من جديد    حجاب وعد.. قرار نهائي أم مرحلة جديدة من الجدل؟    القيادة تهنئ رئيس إستونيا    محافظ الزلفي: يوم التأسيس تاريخ عريق    مرات تحتفل بيوم التأسيس    بلدية وادي الدواسر تحتفي ب «يوم التأسيس»    "الأحوال المتنقلة".. اختصار الوقت وتقليل الجهد    مخاطر العرض.. تدعم أسعار النفط    الأسمنت الأخضر أحدث تحولات الطاقة النظيفة بالمملكة    فيصل بن بندر يشهد احتفال منتسبي إمارة الرياض بيوم التأسيس    أمير القصيم يستقبل سفير تايلند    جامعة الملك سعود توقع مذكرة تعاون مع مركز زراعة الأعضاء    رئيس هيئة حقوق الإنسان: السعودية حريصة على نصرة القضايا العادلة    ما هذا يا جيسوس ؟    الرواية وجائزة القلم الذهبي    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تحتفل بيوم التأسيس    مسؤولية بريطانيا التاريخية أمام الدولة الفلسطينية !    "مفوّض الإفتاء بمنطقة حائل" يلقي محاضرة بعنوان "نعمة تأسيس الدولة السعودية"    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة جوازات المحافظة    جمعية الملك فهد الخيرية النسائية في جازان تحتفي بيوم التأسيس لهذا العام 2025م    النيابة العامة تحتفي بمناسبة يوم التأسيس    الزواج ليس ضرورة.. لبنى عبدالعزيز: الأمومة مرعبة والإنجاب لا يناسب طموحاتي المهنية    محللون ل«عكاظ»: السعودية تقود الممارسات الإنسانية عالياً    أمانة تبوك توفر 260 بسطة رمضانية في 13 موقعاً    "الشؤون الإسلامية" تنهي فرش 12 جامعا بمنطقة القصيم    الرياض: ضبط 4 وافدين لممارستهم أفعالاً تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج»    وقفات مع تأسيس السعودية وتطورها ومكانتها المتميزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطويرقي: لا نحتاج صكوك اعتراف... بقدر حاجتنا إلى رؤية عصرية
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2013

طلال الطويرقي شاعر شاهق، بين ديوانه الأول «ليس مهمّاً» الصادر عن دار الانتشار عام 2007 حتى ديوانه الثاني «وكأن شيئاً لم يكن» الصادر عن أدبي الدمام 2013، لغة حية متجددة، لا يمكن للمتابع للنص عند الطويرقي إلا أن يتلمس روح النص ويحيله إليه، متجدد ومنتمٍ لإرثه الحضاري، يتشهى حياتهم لكنه شيخ طريقة أيضاً. «الحياة» التقته فكان هذا الحوار، الذي يصافح فيه المتلقي الشاعر الإنسان ويقتفي المعنى وراء النص.
«وكأن شيئاً لم يكن» عنوان ديوانك الجديد نص طويل به من الحوار الداخلي ما به بين اثنين؛ أهو قصة شعرية عبر ملحمة أردت لها البقاء طويلاً؟
- النص الذي بين يديك حالة تخلق جنينية عصية على التفسير تماماً، فمسألة الرهان على الزمن مسألة محسومة في الحياة أصلاً، غير أنها على صعيد النص الإبداعي تبقى بيد القارئ للعمل ولو بعد حين ليقول كلمته التي تمنح النص حياته أو موته. أيضاً يظل هذا النص تحديداً ثيمات ملأى بالحوار المتجدد لحالة شعرية فريدة ومحتملة، ويبقى السرد ممكناً في النص الشعري حين نوقن أن ما بعد الحداثة كسر ذلك الحاجز الوهمي بين الأجناس الأدبية المختلفة، لتلتقي وتتداخل بشكل جميل للغاية عبر روح لا محسوسة في صلب هذا التلاقي.
وفياً لدوزنة نصك، لماذا سلكت الرجز/ الكامل في ملحمة الحب هذه؟
- الرجز والكامل يلتقيان في علم العروض كما أعرف، ويصبح التلاقح بينهما مرجحاً للكامل على كل حال متى وردت تفعيلته (متفاعلن) بفتح التاء، وعند سكونها ستصبح شبيهة بتفعيلة الرجز (مستفعلن). ومن هنا أرى أن سلوكي للكامل يعد بحثاً عن كمال رمزي يضج بالحياة والفرح والدهشة عبر نفس نصي تطيب لي تسميته بالفريد في وجهة نظري على الأقل.
كأنك تعيد أرواح أجدادك هنا، تلمست روح طرفة المعاندة في الحب واللهو في هذه الملحمة، ووجدت امرأ القيس شاهقاً، هل تؤمن بانتقال الجينات؟
- كلما شممتُ جنون طرفة أو ابن حجر رأيتُ الشباب شاسعاً وكريماً وأبياً ونزقاً بين ظهرانيهم.
وكأن الرسالة التي حملها طرفة نحو حتفه هي ذاتها التي حملتها بالنزق ذاته نحو حلمي بالضبط. فيما أكرع من مشاهد اللقيا كأس الملك الضليل لأصبح الطليل في ذات الجنون الذي قد يكون لا مسؤولاً إلى حد بعيد. وبخصوص الجينات تبقى الوراثة أمراً ممكناً ومحتملاً بشكل ما حين تتعلق بالجنون على أقل تقدير.
«الصُّبحُ يُشْرِقُ دونَ صوتِكِ/ لستُ أعرفُ أيُّ صبحٍ كانَ هذا اليومَ/ لا صوتُ/ ولا حتَّى صباحَ الخيرْ» كيف نصافح الصباح عندما يتسيد الغياب الصباحات، هل تشتاق إلى صباح مرّ؟!
- الصباحات مرة بلا قبل عادة، القبلة يا صديقي مفتاح البهجة لكل صباحات العالم الممكنة. وأما الغياب فثيمة واقعية تجعل من الشوق رسالة ومن الوله قبلة متخيلة في سماء ملبدة بغيوم الغياب التي لا تحفظ حباً ولا تنبت فرحاً طفلاً. وعلى رغم كل ذلك يبقى الصباح مفصحاً بشكل لا يليق إلا به وإن كان مراً كقهوة أحياناً، لكن وضوحه سكر اللحظة البكر التي يفض بكارتها الضوء.
«ما كنتُ أفصحُ عن جنوني بالطريقةِ ذاتها من قبلُ/ لكنَّي فتحتُ لرغبتي الأبوابْ...»، هنا تصالح والذات تعيد الإنسان لإنسانه، ترى إلى أي حد تبقي أبوابك مفتوحة، ومتى تجعل منها مواربة ولماذا؟!
- أبواب قلبي مفتوحة على الدوام، مفتوحة للريح والحب والمطر. أتركها هكذا ببساطة الإنسان وعمق الإنسانية الشاسع الذي لا يدركه الجفاف متى كان مغموراً بالحب والمودة للكائنات عموماً. ومن هنا لا أملك حقاً في أن أغلق هذا الباب بيدي، وإلا سأخرج من أبواب الإنسانية الخلفية بعيداً عن الحياة. الحياة يا صديقي لوحة باهتة لا يلونها إلا الحب، ولا تموضعها إلا الإنسانية المجردة من الضغينة.
سأنبَّهُ الورد المثير َلربكةٍ في الظل/ لا أبقي على قلق الندى/ لو وردةٌ طلعتْ عليها الشَّمسُ/ لم تعبقْ بفيضِ عبيرنا» ها أنت تستحضر روح شاعر آخر هنا وتنبه كما فعل الورد؛ تدحض من يقول إن الشعراء الشباب لا صلة بينهم وبين أسلافهم ولا يقرؤون بحسب رؤية الشعراء والنقاد في بلادنا؟
- القراءة وقود المبدع ليمضي في مسيرته الشعرية المديدة، إذ لا يمكن بحال أن تكون ذاتك من دون المتابعة الجادة لنتاج السابقين والمجايلين بشكل دائم وبدأب مشتعل. نحن فعلاً كمبدعين شباب لا نحتاج إلى شهادات باهتة من قامات، تفترض أنها يمكن أن تمنحنا صكوك غفرانها بقدر حاجتنا إلى أن نعيد قراءة التراث بعينين جديدتين تحمل روح عصرها وحداثته، وتمكننا من تأسيس رؤانا التي تخصنا بمعزل عن الوصايا والأحكام الجاهزة. صحيح أن النقد لم يواكب تجاربنا بشكل جاد يليق بها وبه، لكننا في المقابل نمتلك قدراً كافياً لإنتاج نقادنا من داخلنا، من داخل التجربة ذاتها، وإن كنتُ أوقن بأسبقية النص على التأويل بشكل عام.
راحت لاءاتك تطرز الصفحات، عبر يقينيات أحياناً وبين توسل في أحايين أخرى، أليس من حوار وسط جاذب لشريك المحبة؟!
- لن أقف منافحاً عن نصي هنا، لكني سأقول بوضوح تام إن الحياة نص واقعي وممكن ليشعر المحبوب بوجوده قربك، يقاسمك النفس والفرح والبهجة في كل تجلياتها. النص حياة يا صديقي قبل أن يكون على الورقة، والحياة ملأى بالتناقضات والأضداد، بالنقي والإثبات. ومن هنا تتعارك الحياة المشتركة في النص متى كنت عاشقاً له وبه ومعه.
أعترف لك، أني وجدت قاموساً متجدداً بين ديوانك الأول «ليس مهمّاً» الصادر عن دار الانتشار عام 2007 وبين ديوانك «وكأن شيئاً لم يكن» الصادر عن أدبي الدمام 2013، ما سر المفردات، الربيع، الصباح، المطر، والماء في أشكاله المتعددة التي تكاد تغرق الديوان كله، أهو غرق الحب، أم فيض لنهر المحبة داخلك؟!
- أعتقد أن على الشاعر الحقيقي أن يوازن بين بصمته وتغيير إهابه في كل تجربة جديدة، هذه الموازنة التي لا تتأتى لكثيرين ممن يمارسون الكتابة تجعلهم يكررون أنفسهم من دون أن يعوا ذلك أصلاً. فاللغة عند الشاعر تأخذ ملامحه التركيبية في التعامل مع النص على صعيد الجملة البنائية، وأيضاً على صعيد القاموس المكون لمساحات النص وتشكلاته، فكلما كان القاموس ثرياً متنوعاً ومتجدداً كانت فرص الشاعر كبيرة ليكون شجرة لا ظلاً. وبخصوص قاموس هذا النص الذي ذكرته في سؤالك أعتقد أن هذا قاموس ملائم لتجربة عاشقة كهذه، فالحب هو الربيع والمطر والصباح والماء عبر تشكلاته المحتملة والمتخيلة والمعاشة والممكنة.
وهذه شهادة للعمل لا عليه على كل حال.
أدركتُ أنَّ جبالَ ذاكرتي تغطيها الثلوجُ
فصرتُ أكثرَ قدرةً من قبلُ
أتقنتُ التزلجَ فوقَ حبكِ جيداً
ونسيتُ أن أمضيْ شتاء دافئاً...»
نتجدد بالنسيان يا طلال؛ لكن أن نوقف الذاكرة بالثلج لنعبر فوق الحب ذلك لعمري موت كبير؟!
- نحن في الواقع نتجدد بالذكرى حين يكون البعد محتملاً والغياب ممكناً. النسيان رصاصة رحمة للعاشق الذي لن يدركه الموت، رصاصة عالقة لا يدركها الحظ لتكون رصاصة نهاية محتملة على أقل تقدير. ومن هنا يبقى العاشق معلقاً كتلك الرصاصة، ويبقى محاصراً في زمنه المعشوق وإن غادره بشكل ما. ويبقى الجليد ممكناً في شتاء المحب كتعامل طبيعي مع كل حالات محبوبه الذي يأخذ كل حالات الفصول كسنة حياة سارية لا يدركها التجمد بشكل دائم.
يحضر الغياب، في الشعر، القصة، الرواية، وكأنه ممحاة كبيرة لأخطائنا؟
«... يمكنُكِ الغيابُ لمدَّةٍ
وأنا بدوريَ صرتُ معتاداً عليهْ».
كيف يمكن للمحب أن يعتاد الغياب بهذه السهولة؟!
- الغياب حالة عادية وممكنة جداً، فالحب ليس لقاء مطلقاً إلا على صعيد الروح، ولذا يكون الغياب صحياً كي تأخذ اللهفة معادلاتها، والروح صفاءها، والمحب وقته. ولذا فالغياب حالة شعرية تحتملها الكتابة كالحضور تماماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.